المخصوص من المسجد، وعند الطبرانيّ "فأمر إنسانًا معه فوجده مضطجعًا في فيء الجدار" وقوله: هو راقد في المسجد، فيه مراد الترجمة لأن حديث ابن عمر يدل على إباحته لمن لا مسكن له، وكذا بقية أحاديث الباب، إلا قصة عليّ فإنها تقتضي التعميم، لكن يمكن أن يفرق بين نوم الليل وبين قيلولة النهار.
وقوله: وأصابه تراب، وفي رواية المناقب "وخلص التراب إلى ظهره" أي وصل، وفي رواية الإسماعيليّ "حتى تخلص ظهره إلى التراب" وكان ينام أولًا على مكان لا تراب فيه، ثم تقلب فصار ظهره على التراب، أو سمى عليه التراب. وقوله: قم أبا تراب، قم أبا تراب، ظاهره أن ذلك أول ما قال له ذلك، وروى ابن إسحاق من طريقه، وأحمد والحاكم من حديث عمار، أنه كان هو وعليّ في غزوة العشيرة في نخل، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فوجد عليًا نائمًا، وقد علاه تراب فأيقظه وقال له: مالك أبا تراب؟ ثم قال: ألا أحدثك بأشقى الناس ... الحديث.
وغزوة العشيرة كانت في أثناء السنة الثانية قبل وقعة بدر، وذلك قبل أن يتزوج علي فاطمة، فإن كان محفوظًا أمكن الجمع بأن يكون ذلك تكرر منه -صلى الله عليه وسلم- في حق عليّ، وقد ذكر ابن إسحاق عقب القصة المذكورة قال: حدثني بعض أهل العلم أن عليًا كان إذا غضب على فاطمة في شيء لم يكلمها، بل كان يأخذ ترابًا فيضعه على رأسه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ذلك عرف، فيقول: ما لك يا أبا تراب؟ فهذا سبب آخر يقوي التعدد. والمعتمد في ذلك كله حديث سهل في الباب، ويروى من حديث ابن عباس أن سبب غضب عليّ كان لمّا آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، ولم يؤاخ بينه وبين أحد، فذهب إلى المسجد، فذكر القصة وقال في آخرها "قم فأنت أخي" أخرجه الطبرانيّ، وعند ابن عساكر نحوه من حديث جابر بن سمرة، وحديث الباب أصح، ويمتنع الجمع بينهما، لأن قصة المؤاخاة كانت أول ما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وتزوُّج عليّ بفاطمة، ودخوله عليها، كان بعد ذلك بمدة.
وفي الحديث جواز القائلة في المسجد، وممازحة المغضب بما لا يغضب