وصلتك رحم، فلما ولى قال هشام لأصحابه: هذا الشيخ قد اختل وأسن وخلط، فصار يقول: إن هذا الأمر سينتقل إلى ولده، فسمعه عليّ فقال: والله ليكونن ذلك، وَلَيمْلِكَنَّ هذان.
وقال المبرد: ضُرب عليٌّ بالسياط مرتين ظلمًا، ضربه الوليد بن عبد الملك إحداهما في تزوجه لُبابة بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكانت عند عبد الملك، فعض تفاحة ثم رمى بها إليها، وكان أبخر، فدعت بسكين فقال لها: ما تصنعين بها؟ فقالت: أميط عنها الأذى، فطلقها، فتزوجها عليّ المذكور، فضربه الوليد، وقال: إنما تتزوج بأمهات الخلفاء لتضع منهم, لأن مروان بن الحكم تزوج بأم خالد بن يزيد بن معاوية، ليضع منه، فقال عليّ: إنما أرادت الخروج من هذا البلد، وأنا ابن عمها، فتزوجتها لأكون لها محرمًا، وقد قيل إن عبد الملك كان تزوج لُبابة بنت جعفر، فقالت له يومًا، وكان أبخر: لو استكت فاستاك، وطلقها، ثم تزوجها علي بن عبد الله، وكان أقرع لا تفارقه قَلَنْسُوته، فبعث عبد الملك جارية وهو جالس معها، فكشفت رأسه على غفلة، فقالت لُبابة للجارية: هاشميٌّ أقرع أحبُّ إليّ من أمويّ أبخر.
وأما ضربه إياه في المرة الثانية، فقد قال محمد بن شجاع: رأيت عليًا يومًا مضروبًا بالسوط، يُدار به على بعير، ووجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح يصيح عليه يقول: هذا عليّ بن عبد الله الكذّاب، فأتيته وقلت: ما هذا الذي نسبوك به إلى الكذب؟ قال: بلغهم عني أني أقول إن هذا الأمر سيكون في ولدي، ووالله ليكوننَّ فيهم حتى يملكهم عبيدهم، الصغار العيون، العراض الوجوه، الذين كأنّ وجوههم المِجَانّ المُطْرقة، والذي تولى ضربه كلثومُ بن عِياض، كان والي الشرطة للوليد.
وذكر الطبريّ أن الوليد بن عبد الملك أخرج عليًا من دمشق، وأنزله الحميمة، ولم يزل ولده بها إلى أن زالت دولة بني أمية، وولد له بها نيف وعشرون ولدًا ذكرًا، كان رضي الله عنه يخضب بالسواد، وكان ابنه محمد والد السفاح والمنصور، يخضب بالحُمرة، فيظن من لا يعرفهما أن محمدًا عليٌّ وأن