أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيعُ
فقال التميميون عند ذلك: وربكم إن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا, ولا قاربنا. وروي عن عائشة أنها وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان والله كما قال فيه شاعره حسان:
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أم من قد يكون كأحمد ... نظام لحقٍ أو نَكال لملحد
وقال أهل السِّير والأخبار: إن حسانًا من أجبن الناس، وإنه لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من مشاهده لجبنه، وفي المغازي لابن إسحاق قال كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسّان بن ثابت، قالت: وكان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان، فمر بنا رجل يهوديّ، فجعل يطيف بالحصن، فقالت له صفية: إن هذا اليهودي لا آمنه أن يدل على عوراتنا، فأنزل إليه فاقتله، فقال: يغفر الله لك يابنت عبد المطلب، عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت صفية: فلما قال ذلك أخذتُ عمودًا ونزلت من الحصن حتى قتلت اليهوديّ، فقلت لحسان: أنزل فاسلبه، فقال: ما لي بسَلبهِ من حاجة. قال ابن عبد البر أنكر بعض أهل العلم بالخبر ذلك، وقالوا: لو كَان لَهُجي به، فإنه قد هجا قومًا فلم يهجه أحد منهم بالجبن، ولو كان ذلك لهجي به. وقيل: إنما أصابه ذلك الجبن منذ ضَرَبَه صَفوانُ بن المُعَطَّل بالسيف.
وقال ابن إسحاق: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى حسانًا عوضًا من ضربة صفوان الموضعَ الذي بالمدينة، وهو قصر بني جَديلة، وأعطاه سِيْريِنَ، أمةً قبطية، فولدت له عبد الرحمن بن حسان، قال ابن عبد البَرّ: أما إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرين أخت مارية لحسان، فمرويّ من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه في هجاء المشركين له، وقال قوم: إن حسان كان ممن خاض في الإفك على عائشة، وإنه جلد في ذلك. وأنكر قوم أن يكون ذلك وقع منه