صغيرةً، وفيه نظر، لما ذكرنا من كون هذا كان بعد نزول الحجاب، وكذا قولها في بعض الروايات كما يأتي قريبًا "أحببتُ أنْ يبلغَ النساءَ مقامُه لي" فإنه يشعر بأن ذلك وقع بعد أن صارت لها ضرائر أرادت الفخر عليهن، فالظاهر أن ذلك وقع بعد بلوغها، وقد مر من رواية ابن حبّان أن ذلك وقع لما قدم وقد الحبشة، وكان قدومهم سنة سبع، فيكون عمرها حينئذ خمس عشرة سنة.
وقوله: دونكم يا بني أرفدة، بنصب دونكم على الظرفية بمعنى الإغراء، والمغرى به محذوف، وهو لعبهم بالحراب، وفيه اذن وتنهيض لهم وتنشيط، وأرْفِدة، بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء، وقد تفتح، قيل: هو لقب للحبشة، وقيل: هو اسم جنس لهم، وقيل: اسم جدهم الأكبر، وقيل: المعنى يا بني الإماء.
وقوله: حتى إذا ملِلت بكسر اللام الأولى، وفي رواية الزُّهري "حتى أكون أنا الذي أسام" ولمسلم "ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف" وعند النَّسائيّ "أما شبعتِ، أما شبعتِ؟ قالت: فجعلت أقول لا لأنظر منزلتي عنده" وله عن أبي سلمة عنها قلت: "يا رسول الله، لا تعجل، فقام لي، ثم قال: حسبك، قلت: لا تعجل، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكن أحببت أن يبلغ النساءَ مقامُه، ومكاني منه" وزاد في "النكاح" في رواية الزُّهريّ "فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن, الحرية على اللهو". وقولها: اقدُروا بضم الدال، من التقدير، ويجوز فيها الكسر، وأشارت بذلك إلى أنها كانت حينئذ شابة، وقد تمسك بهذا من ادعى نسخ الحكم، وأنه كان في أول الإِسلام، وقد مرَّ الرد عليه، واستدل به على جواز اللعب بالسلاح، على طريق التواثب للتدريب على الحرب، والتنشيط عليه. واستنبط منه جواز المثاقفة لما فيها من تمرين الأيدي على آلات الحرب.
قال عياض: وفيه جواز نظر النساء إلى فعل الرجل الأجانب؛ لأنه إنما يكره لهن النظر إلى المحاسن والاستلذاذ بذلك، ومن تراجم البخاريّ عليه "باب نظر المرأة إلى الحبشة ونحوهم من غير ريبة" قال النوويّ: أما النظر بشهوة عند خشية