ومذهب أبي حنيفة لا يلزمه الغسل، واحتج بقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وبحديث عمرو بن العاص، أخرجه مسلم، "الإِسلام يهدم ما قبله" ولأنه أسلم خلق كثير لهم الزوجات والأولاد، ولم يأمرهم عليه الصلاة والسلام بالغُسل وجوبًا، ولو وجب لأمرهم به، واعترض ما احتجوا به، وفيه أسر الكافر، وجواز إطلاق، وللإمام في حق الأسير العاقل القتلُ أو الاسترقاق أو الإطلاق مَنًّا عليه أو الفِداء.
وقال الكرمانيّ: يحتمل أنه عليه الصلاة والسلام أطلق ثُمامة لمَّا علم أنه آمن بقلبه، وسيظهر بكلمة الشهادة. وفيه الملاطفة بمن يرجى إسلامه من الأُسارى، إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام، ولاسيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه. وفيه جواز ربط الأسير في المسجد. قال القرطبيّ: يمكن أن يقال إن ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها، فيأنس ذلك، ويؤيد هذا ما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص "أن وقد ثقيف أما قدموا أنزلهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المسجدَ، ليكون أرق لقلوبهم".
وقال جبير بن مطعم، فيما أخرجه أحمد:"دخلت المسجد والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي المغربَ، فقرأ بِوَالطور، فكأنما صدع قلبي حين سمعتُ القرآن، وقيل: يمكن أن يكون رَبَطهَ بالمسجد لأنه لم يكن له موضع يربط فيه إلا المسجد. وقال ابن الجوزيّ: لم يسلم تحت الأسر لعزة نفسه، وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحس بذلك منه، فقال: أطلقوه، فلما أطلق أسلم، واعترضه العيني فقال: يرد هذا حديثُ أبي هريرة عند ابن خزيمة وابن حبّان، ففيه "مرَّ صلى الله تعالى عليه وسلم يومًا فأسلم، فحله" فهذا صريح أن إسلامه كان قبل إطلاقه، ويعذر الكرمانيّ في هذا؛ لأنه قال بالاحتمال، ولم يقف على حديث أبي هريرة.
وأما ابن الجوزيّ فكيف غفل عن ذلك مع كثرة اطلاعه في الحديث؟ قلت: اعتمد الكرمانيّ وابن الجوزيّ ما هو أصح من حديث ابن خزيمة، وهو