للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي الصحاح: إذا قلت جاء القوم مثنى بدون تكرار، فالمعنى جاؤوا مزدوجين. وأما ما قاله الزركشيّ من أن التكرار لابد منه إذا كان العدل في لفظ واحد، فهو غير صحيح، لا يُعرف أحد من النحاة ذهب إليه. وقوله: مثنى مثنى، فسره ابن عمر راوي الحديث كما عند مسلم عن عقبة بن حُرَيث قال: قلت لابن عمر: ما معنى مثنى مثنى؟ قال: تسلم من كل ركعتين.

وقد اختلف العلماء في الوصل والفصل في النافلة أيهما أفضل؟ فقال مالك والشافعيّ وأحمد: السنة أن تكون مثنى مثنى ليلًا أو نهارًا. وقال أبو حنيفة: الأفضل الأربع ليلًا أو نهارًا. وقال أبو يوسف ومحمد: الأفضل بالليل ركعتان، وبالنهار أربع. وتفسير ابن عمر السابق لمثنى مثنى يَرُدّ على من زعم من الحنفية أن معنى مثنى أن يتشهد بين كل ركعتين؛ لأن راوي الحديث أعلم بالمراد به، وما فسره به هو المتبادر إلى الفهم؛ لأنه لا يقال الرباعية مثلًا إنها مثنى، واستدل الأولون بحديث الباب على تعيُّن الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل.

قال ابن دقيق العيد: وهو ظاهر السياق لحصر المبتدأ في الخبر، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل، أما صح من فعله صلى الله تعالى عليه وسلم بخلافه، ولم يتعين أيضًا كونه لذلك، بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها، لما فيه من الراحة غالبًا، وقضاء ما يعرض من أمر مهم، ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط، لم يواظب عليه صلى الله تعالى عليه وسلم. ومن ادعى اختصاصه به فعليه البيان. وقد صح عنه صلى الله تعالى عليه وسلم الفصل كما صح عنه الوصل، فعند أبي داو ومحمد بن نصر عن عائشة "أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين" وإسنادهما على شرط الشيخين. واستدل به أيضًا على عدم النقصان عن ركعتين في النافلة ما عدا الوتر.

قال ابن دقيق العيد: والاستدلال به أقوى من الاستدلال بامتناع قصر

<<  <  ج: ص:  >  >>