للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المسند فهو حديث كعب بن عُجْرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم "إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى المسجد، فلا يشبكن يديه، فإنه في صلاة" أخرجه أبو داود، وصححه ابن خُزيمة وابن حبان، وفي إسناده اختلاف ضعَّفه بعضهم بسببه. وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ "إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه" وفي إسناده ضعيف ومجهول.

وقال ابن المنير التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل وتصوير المعنى في النفس بصورة الحسن، وما قاله ظاهر في حديث ابن عمر وأبي موسى، دون حديث أبي هريرة، وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدًا لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية عن ذلك. أما الأولان فظاهر فيهما ذلك، وأما حديث أبي هريرة فلأن تشبيكه إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه، وفي حكم المنصرف من الصلاة، والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة، كما مرَّ، فلا تعارض حديث أبي هريرة.

واختلف في علة النهي عن التشبيك، فقيل: لكونه من الشيطان كما مرَّ، وقيل: لأن التشبيك يجلب النوم، وهو مظان الحَدَث، وقيل لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف، كما نبه عليه في حديث ابن عمر الآتي قريبًا، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة، حتى لا يقع في المنهي عنه، وهو قوله صلى الله تعالى عليه وسلم للمصلين "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>