للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت الشافعيّ يقول: إذا سجد بعد السلام تشهد، وقبل السلام أجزأه التشهد الأول. وتأول بعضهم هذا النص على أنه تفريع على القول القديم، وفيه ما لا يخفى.

وقوله: فربما سألوه "ثم سلم" أي ربما سألوا ابن سيرين هل في الحديث "ثم سلم"؟ فيقول: نبئت .. إلى آخره، وهذا يدل على أنه لم يسمع ذلك من عمران، وقد بين أشعث في روايته عن ابن سيرين الواسطة بينه وبين عمران، فقال ابن سيرين: حدثني خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن عمه أبي المهلب عن عمران بن حصين. أخرجه أبو داود والنَّسائيّ والتِّرمذيّ، فظهر أن ابن سيرين أبهم ثلاثة في روايته عن خالد من رواية الأكابر عن الأصاغر.

وفي الحديث أن الباني لا يحتاج إلى تكبير الإحرام، وأن السلام ونية الخروج من الصلاة سهوًا لا يقطع الصلاة، قلت: ومذهب المالكية أن التكبير فيه للإحرام مطلوب، وهل واجب أو سنة؟ الراجح السنة، ولذلك لم تبطل الصلاة بتركه، واستنبط من بعض القائلين بالرجوع اشتراط العدد في مثل هذا، وألحقوه بالشهادة، وفرّعوا عليه أن الحاكم إذا نسي حكمه وشهد به شاهدان أن يعتمد عليهما، واستدل به الحنفية على أن الهلال لا يُقبل بشهادة الآحاد إذا كانت مُصحية، بل لابد من عدد الاستفاضة، وتعقب بأن سبب الاستثبات كونه أخبر عن فعل النبي صلى الله تعالى وسلم. بخلاف رؤية الهلال، فإن الأبصار ليست متساوية في رؤيته، بل متفاوتة قطعًا، وعلى أن مَن سلّم معتقدًا أنه أتم، ثم طرأ عليه شك، هل أتم أو نقص، أن يكتفي باعتقاده الأول، ولا يجب عليه الأخذ باليقين، ووجهه أن ذا اليدين لما أخبر أثار خبره شكًا، ومع ذلك لم يرجع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى استثبت، وعلى جواز التعريف باللقب، وسيأتي في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى، وعلى الترجيح بكثرة الرواة، وتعقبه ابن دقيق العيد بان المقصود كان تقوية الأمر المسؤول عنه، لا ترجيح خبر على خبر.

وفيه أن من تحوّل عن القبلة ساهيًا لا إعادة عليه، وفيه إقبال الإمام على الجماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>