للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبركون بآثار الصالحين، لم يخالف في ذلك إلا الخوارج دمرهم الله.

وقد قال العلماء: إن في فعل ابن عمر، ونهي أبيه رضي الله تعالى عنهما، فائدة جليلة في الدين، ففي فعل ابن عمر اقتفاء آثاره عليه الصلاة والسلام، والتبرك، والتعظيم له. وفي نهي عمر الاحتياط في السلامة من الابتداع لمن يُخشى منه ذلك، ثم إن هذه المساجد المذكورة لا يعرف منها الآن غير مسجد ذي الحُليفة، والمساجد التي بالروحاء يعرفها أهل تلك الناحية. وقد ذكر البخاريّ المساجد التي كانت بالمدينة، لأنه لم يقع له إسناد في ذلك على شرطه.

وقد ذكر عمر بن شبّة في أخبار المدينة المساجد والأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالمدينة مستوعبًا. ورُوي عن أبي غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبنيّ بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بني مسجد المدينة سأل الناس، وهم يومئذ متوافرون، عن ذلك، ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. قلت: في هذا حجة قوية على التبرك بآثار الصالحين، لصدوره من خامس الخلفاء عمر بن عبد العزيز، لم يوجد أحد في زمنه مثله في اتباع السنة، كما شهد له بذلك إجماع المسلمين وعدم إنكار أحد من التابعين وأتباعهم المتوافرين يومئذ كذلك، فصار إجماعًا، ولا يحتمل أن يقصد بفعله إلا بقاء الآثار معلومة ليتبرك بها.

وقد عين عمر بن شبة منها كثيرًا، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر، وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفضيخ، وهو شرقيّ قُباء، ومسجد بني قُريظة، ومَشْرَبة أم إبراهيم، وهي شمال مسجد قريظة، ومسجد بني ظَفَر شرقيّ البَقيع، ويعرف بمسجد البَغْلة، ومسجد بني معاوية، ويعرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح، قريب من سَلْع، ومسجد القِبلتين في بني سَلِمة.

قال في الفتح: وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغويّ، وقد اشتمل حديث المساجد بهذا السياق الذي أخرجه البخاري على تسعة مساجد أخرجها الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>