احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء، وكأَنَّ نفيه الاحتمال مبنيّ على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنده خلافه، وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء، فعلى هذا فالاحتمال قائم.
وقال: ومنهم من تأوله على أن الجمع المذكور صوريّ، بأن يكون أخَّر الظهر إلى آخر وقتها، وعجل العصر في أول وقتها. قال: وهو احتمال ضعيف أو باطل، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تُحتمل، وهذا الذي ضعّفه استحسنه القرطبيّ، ورجحه قبله إمام الحرمين، وجزم به ابن الماجشون من القدماء، والطحاوي، وقوّاه ابن سَيّد الناس بأن أبا الشعثاء راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به، وذلك فيما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار، فذكر الحديث وزاد:"قلت: يا أبا الشعثاء" أظنه أخَّر الظهر وعجَّل العصر، وأخَّر المغرب وعجَّل العشاء؟ قال: وأنا أظنه" قال ابن سيد الناس: راوي الحديث أدرى من غيره بالمراد، لكن لم يجزم بذلك، بل يستمر عليه، فقد مر كلام لأيوب وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر، لكن يقوي ما ذكر من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع، فإما أن تحمل على مُطلقها، فتستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج، ويجمع بها بين مفترق الأحاديث. والجمع الصوري أولى.
قال الخطابيّ: اختلف الناس في جواز الجمع بين الصلاتين للمطر في الحضر، فأجازه جماعة من السلف، منهم ابن عمر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامة فقهاء المدينة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، غير أن الشافعي اشترط في ذلك أن يكون المطر قائمًا في وقت افتتاح الصلاتين معًا، وكذلك أبو ثور، ولم يشترط ذلك غيرهما، وكان مالك يرى أن يجمع الممطور في الطين مع الظلمة، وهو قول عمر بن عبد العزيز. وقال الأوزاعيّ وأصحاب الرأي: يصلي الممطور كل صلاة في وقتها، وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فجوّزوا الجمع في الحضر للجماعة مطلقًا، لكن