الضيم، وأصله الغلبة على الحق والاستبداد به، والمعنى: لا تُظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض، فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعال عن الجهة. وفي رواية عند المصنف في الرقاق:"هل تُضَارون" بضم أوله وبالضاد المعجمة وتشديد الراء بصيغة المفاعلة من الضر. وأصله "تضارَرون" بكسر الراء وفتحها، أي: لا تضرون أحدًا، ولا يضركم بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة. وجاء بتخفيف الراء من الضير، وهو لغة في الضُّرّ، أي: لا يخالف بعض بعضًا، فيكذبه وينازعه، فيضيره بذلك، يقال: ضارَه يَضِيره. وقيل: المعنى لا تضايقون، أي: لا تزاحمون. كما جاء في الرواية السابقة لا تضامون، وقيل: المعنى لا يحجب بعضكم بعضًا عن الرؤية فيضره. وحكى الجوهري: ضرني فلان إذا دنا مني دنوًا شديدًا. قال ابن الأثير: فالمراد المضارة بازدحام.
وفي رواية عند المصنف في باب "فضل صلاة الفجر": "لا تضامون أو تضاهون"، بالشك، ومعنى التي بالهاء: لا يشتبه عليكم، ولا ترتابون فيه، فيعارض بعضكم بعضًا. وفي رواية شعيب عنده في فضل السجود:"هل تُمارون" بضم أوله وتخفيف الراء، أي: يجادلون في ذلك، أو يدخلكم فيه شك، من المرية، وهو الشك. وجاء بفتح أوله وفتح الراء على حذف إحدى التاءين. وفي رواية للبيهقي:"تتمارون" بإثباتهما.
والتشبيه برؤية القمر لتعين الرؤية دون تشبيه المرئي سبحانه وتعالى. وقال ابن الأثير: قد يتخيل بعض الناس أن الكاف كاف التشبيه للمرئي، وهو غلط، وإنما هي كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرأي، ومعناه أنها رؤية يبعد عنها الشك، مثل رؤيتكم القمر، فالتمثيل واقع في تحقيق الرؤية لا في الكيفية، لأن الشمس والقمر متحيزان. والحق سبحانه منزه عن ذلك. قيل: الحكم في التمثيل بالقمر أنه تتيسر رؤيته للرائي بغير تكلف ولا تحديق يضر بالبصر، بخلاف الشمس. وقد ورد في بعض الروايات ذكر الشمس والقمر. كما أخرجه المصنف في الرقاق عن أبي هريرة بلفظ:"هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله" وفي رواية أبي هُريرة أيضًا، عند المصنف