يصعد فيه، ويدل على هذا الحمل رواية موسى بن عقبة عند النّسائيّ بلفظ:"ثم يعرج الذين كانوا فيكم" فعلى هذا لم يقع في المتن اختصار ولا اقتصار، وهذا أقرب الأجوبة.
ووقع في هذا الحديث التصريح بسؤال كل من الطائفتين فيما رواه ابن خزيمة في صحيحه، وأبو العباس السّرّاج عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعد ملائكة الليل، وتبيت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النهار، وتبيت ملائكة الليل، فيسألهم ربُّهم كيف تركتم عبادي ... " الحديث. وهذه الرواية تزيل الإشكال، وتغني عن كثير من الاحتمالات المتقدمة، فهي المعتمدة، ويحمل ما نقص منها على تقصير بعض الرواة.
وقيل: إن قوله في الحديث: "ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر" وَهْمٌ، لأنه ثبت في كثير من الطرق أن الاجتماع في صلاة الفجر من غير ذكر صلاة العصر، كما في الصحيحين عن أبي هريرة في أثناء حديث قال فيه:"وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر"، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، وفي الترمذيّ والنَّسائيّ بإسناد صحيح عن أبي هريرة في قوله تعالى {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، قال: تشهده ملائكة الليل والنهار. وروى ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعًا نحوه. قال ابن عبد البر: ليس في هذا دفع الرواية التي فيها ذكر العصر، إذ لا يلزم من عدم ذكر العصر، في الآية والحديث الآخر، عدم اجتماعهم في العصر، لأن المسكوت عنه قد يكون في حكم المذكور بدليل آخر.
قال: ويحتمل أن يكون الاقتصار وقع في الفجر لكونها جهرية، وبحثه الأول متجه، لأنه لا سبيل إلى ادعاء توهيم الراوي الثقة مع إمكان التوفيق بين الروايات، ولاسيما أن الزيادة من العدل الضابط مقبولة، وَلِمَ لا يُقال: إن رواية من لم يذكر الذين أقاموا في النهار، واقع من تقصير بعض الرواة؟ قلت: وقد