للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح"، والإدراك الوصول إلى الشيء بتمامه، وظاهره أن تلك الركعة تكفيه عن الصلاة، وليس ذلك مرادًا بالإجماع، لأنه لا يكون بالركعة الواحدة مدركًا لجميع الصلاة، بحيث تحصل براءة ذمته منها، فإذا فيه إضمار تقديره: "فقد أدرك وقت الصلاة أو حكم الصلاة أو نحو ذلك". ويلزمه إتمام بقيتها.

وقد صرح بذلك زيد بن أسلم عند البيهقي، ولفظه: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، وركعة بعدما تطلع الشمس، فقد أدرك الصلاة"، وأصرح منه رواية أبي غسّان، عن أبي هريرة بلفظ: "من صلى ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، ثم صلى ما بقي بعد غروب الشمس، فلم تفته العصر". وقال مثل ذلك في الصبح. وللنَّسائيّ: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة كلها، إلا أنه يقضي ما فاته وللبيهقيّ: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليصلِّ إليها أخرى"، ويؤخذ من هذا الرد على الطحاوي، حيث خص الإدراك باحتلام الصبي، وطهر الحائض، وإسلام الكافر ونحوها. وأراد بذلك نصرة مذهبه في أن من أدرك من الصبح ركعة تفسد صلاته، لأنه لا يكملها إلا في وقت الكراهة. وقد مرَّ ما قيل فيه قريبًا.

واختلف في هذه الصلاة المدرك منها ركعة هل هي أداء أو قضاء، والمختار عند الكل أنها أداء، وعند المالكية والشافعية قول بأن الكل قضاء، وقول بأن ما في الوقت أداء وما بعده قضاء. وقيل: يكون كذلك، لكنه يلتحق بالأداء حكمًا. وفائدة التحاقه بالأداء حكمًا أنه لا يأثم، وتظهر فائدة الخلاف في مسافرٍ نوى العصرَ وصلى ركعة في الوقت. فإن قلنا: الجميع أداء فله قصرها. وإن قلنا: كلها قضاء، أو بعضها، وجب إتمامها أربعًا. إن قلنا: إن فائتة السفر إذا قضاها في السفر يجب إتمامها، وهذا ليس بمذهب مالك، وكذا تظهر فائدة الخلاف فيما لو حاضت امرأة، أو أُغمي على أحد في الركعة الثانية، فتسقط عنهما الصلاة بناء على أن الكل أداء. ويلزم قضاؤها بناء على أن الكل قضاء. ويتردد النظر على أن ما في الوقت أداء، وما كان خارجًا عنه قضاء. وأما إن أدرك أقل

<<  <  ج: ص:  >  >>