شئت، فقال علي: ما زلت عدوًّا للإِسلام وأهله، فما ضر ذلك الإِسلام وأهله أنّا رأينا أبا بكر أهلًا، وهذا الخبر رواه عبد الرزاق، عن ابن المبارك، عن الحسن، قال: إن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه، فقال: صارت إليك بعد تَيْم وعَدِيّ، فأدرها كالكُرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو المُلْك، ولا أدري ما جنة ولا نار؟ فصاح به عثمان: قم، فعل الله بك وفعل.
وفي حديث ابن عباس، عن أبيه، لما أتى به العَبّاس وقد أردفه خلفه يوم الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسأله أن يُؤمِّنَهُ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا أبا سفيان، ويحك، أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئًا، فقال: ويحك يا أبا سُفيان، ألم يَأنِ لك أن تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك، أما هذه ففي النفس منها شيء، فقال له: ويلك، اشهد شهادة الحق قبل أن تُضْرَبَ عنقك، فشهد وأسلم، ثم سأل له العباس النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُؤمِّنَ من دخل داره، وقال: إنه رجل يحب الفخر والذكر، فأسعفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن، ومن ألقى السِّلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه على نفسه فهو آمن.
قال ابن عبد البَرّ: وله أخبار كثيرة رديئة، ذكرها أهل الأخبار لم أذكُرها، وحديثُ ابن المُسَيِّب المتقدم يَدُلُّ على صحة إسلامه، ورُوِي أنه كان يقف على الكَراديس يوم اليَرموك، فيقول للناس: الله الله فإنكم ذَادّة العرب، وأنصار الإِسلام، وإنهم ذادّة الروم، وأنصار المشركين، اللهم إن هذا يوم من أيامك، اللهم أنْزِل نصرك على عبادك.
فالحاصل كما قال ابن عَبْد البَرّ، هو: أن الناس فيه طائفتان، طائفة تروي أنه لما أسلم حَسُنَ إسلامه، وطائفة تروي أنه كان كَهْفًا للمنافقين مُنذ أسلم، وكان في الجاهلية يُنْسَب إلى الزَّنْدَقة، وكان من أشراف قُرَيش