الأئمة الثلاثة والجمهور، وخالف مالك، فقال: ما أدركت أهل الفضل إلا وهم يجتهدون نصف النهار. وروى ابن أبي شيبة أن مسروقًا كان يصلي نصف النهار، فقيل له: إن أبواب جهنم تفتح نصف النهار، فقال: الصلاة أحق ما أستعيذ به من جهنم حين تفتح أبوابها. قال ابن عبد البر: قد روى مالك حديث الصنابحيّ، فإما أنه لم يصح عنده، وإما أنه ردّه بالعمل الذي ذكره، وقد استثنى الشافعيّ، ومن وافقه من ذلك، يوم الجمعة، وحجتهم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نَدَب الناس إلى التبكير يوم الجمعة، ورغب في الصلاة إلى خروج الإمام، كما يأتي في بابه، وجعل الغاية خروج الإمام، وهو لا يخرج إلا بعد الزوال، فدل على عدم الكراهة.
وجاء فيه حديث عن أبي قتادة مرفوعًا:"أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كره الصلاة نصف النهار، إلا يوم الجمعة"، وفي إسناده انقطاع، وقد ذكر له البيهقيّ شواهد ضعيفة، إذا ضمت قوي الخبر.
ثم قال: رواه عمر وابن عمر وأبو سعيد وأبو هُريرة، يريد أن أحاديث هؤلاء الأربعة ليس فيها تعرض للاستواء، ولكن لمن قال به أن يقول إنه زيادة من حافظ ثقة، فيجب قبولها، وأحاديثهم تقدمت في البابين الذين قبل هذا الباب، ومرَّ عند ذكرها ذكر محالّهم.