للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطائف إسناده: منها أن فيه رواية حِمْصيّ عن حمصي عن شاميّ عن مَدَني.

ومنها أنه قال أولا: حدثنا، وثانيا أخبرنا، وثالثا بكلمة عن، ورابعًا بلفظ أخبرني محافظة على الفرق الذي بين العبارات، أو حكايةً عن ألفاظ الرواة بأعْيانها، مع قَطْع النظر عن الفرق، أو تعليما لجواز استعمال الكل إذا قُلْنا بعدم الفرق بينها.

ومنها أنه ليس في "البخاري" مثل هذا الإِسناد أعني عن أبي سفيان، لأنه ليس في الصحيحين، وسنن أبي داود، والتِّرمذي، والنَّسائي حديث غيره، ولم يرو عنه إلا ابن عَبّاس رضي الله تعالى عنهم.

ومنها: أن رواية البخاري لهذا الحديث عن أبي اليَمان من الرواية عن النُّسخة، لأنَّ أبا اليَمان كما مرّ روى عن شُعيب نسخة، والنسخة هي رواية متون بإسناد واحد، كرواية هَمّام بن مُنَبّه، عن أبي هُريرة، رواها عبد الرزاق عن مَعْمَر، عنه واختلف العلماء في إفراد حديث من نسخة، هل يساق بإسنادها ولو لم يكن مُبْتَدأً به أولا؟ فالجمهور على الجواز، ومنهم البُخاري، وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب بإسناده المذكور في أوله، والأقل كالأستاذ أبي إسحاق الإِسْفَرايني منع من ذلك لإِيهامه أنه سمع ذلك، وقيل: يبدأ أبدًا بأول الحديث، ويذكر بعده ما أراد، وتوسط مسلم، فأتَى بلفظٍ يُشْعِر بأن المُفرد من جملة النسخة، فيقول مثلًا: حدثنا محمَّد بن رَافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبره مَعْمر، عن هَمّام قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أحاديث منها. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أدنى مَقْعَد أحدِكُم أن يقال له: تَمَنَّ الحديث" وبعضهم يعيد سند الكتاب، أو الجزء في آخره، وذلك لا يرفع الخلاف الوارد في أفراد كل حديث بالسند، ولكنه احتياطٌ لما فيه من التأكيد، وأشار العِراقيُّ إلى الكلام عليها بقوله:

والنُّسَخُ الّتي بإسنادٍ قَطُ ... تَجْديدُه في كلِّ مَتنٍ أحوَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>