ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر، وقد سرد أبو نعيم أسماءهم في "الحلية" فزادوا على المئة. وقوله:"فليذهب بثالث"، أي: من أهل الصُّفة المذكورين، وفي رواية مسلم:"فليذهب بثلاثة". قال عياض: هو غلط، والصواب رواية البُخاريّ، لموافقتها لسياق باقي الحديث، وقال القُرطبيُّ:"إنْ حُمل على ظاهره فَسَد المعنى؛ لأن الذي عنده طعام اثنين إذا ذهب معه بثلاثة، لزم أن أكله في خمسة، وحينئذ لا يكفيهم ولا يسد رمقهم، بخلاف ما إذا ذهب بواحد، فإنَّه يأكله في ثلاثة، ويؤيده قوله في الحديث الآخر: "طعام الاثنين يكفي أربعة"، أي: القدر الذي يشبع الاثنين يسد رمق أربعة، ووجَّهها النووي بأن التقدير: فليذهب بمن يتم من عنده ثلاثة، أو: فليذهب بتمام ثلاثة.
وقوله: "وإن أربع فخامس أو سادس"، أو، فيه للتنويع أو للتخيير، وفي الرواية الآتية في "علامات النبوة"، و"من كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس بسادس"، ومعنى هذه: فليذهب بخامس إن لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك، وإلا فليذهب بسادس مع الخامس إن كان عنده أكثر من ذلك. والحكمة في كونه يزيد كل أحد واحدًا فقط، أن عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعًا، فمن كان عنده مثلًا ثلاثة أنفس لا يضيق عليه أن يطعم الرابع من قوتهم، وكذلك الأربعة وما فوقها، بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعدد العيال، فإنما ذلك إنما يحصل الاكتفاء فيه عند اتساع الحال.
وقوله: "وإن أربع فخامس"، في رواية الباب بالجر فيهما، والتقدير: فإن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو بسادس، فحذف عامل الجر وأبقى عمله، كما يقال: مررت برجل صالح، وإن لا صالح فطالح، أي: إلا أمر بصالح، فقد مررت بطالح. ويجوز الرفع على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وهو أوجه. قال ابن مالك: تضمن هذا الحديث حذف فعلين، وعاملي جر مع بقاء عملهما بعد إن والفاء. والتقدير من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن قام بأربعة فليذهب بخامس أو سادس. وهذا قاله في رواية الباب، وأما الرواية الأخرى، وهي بخامس بسادس، فيكون حذف منها شيء