في النسب كثير من ذلك، وينسبون أحيانًا إلى أخي جدهم، أو المعنى: يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كل منهما إخوة للآخرين، لكونهم في درجتهم.
وحكى عياض أنه قيل في أم رَومان إنها من بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل، لكن ابن سَعْد لم يذكر لها نسبًا إلا إلى بني الحارث بن غنم. وقوله:"لا وقرة عيني"، قُرَّة العين يعبّر بها عن المسرّة، ورؤية ما يحبه الإنسان، ويوافقه. يقال: ذلك لأن عينه قَرّت، أي: سكنت حركتها من التلفّت لحصول غرضها، فلا تستشرق لشيء آخر، فكأنه مأخوذ من القرار. وقيل: أنام الله عينك، وهو يرجع إلى هذا.
وقيل: بل هو مأخوذ من القُرّ، وهو البَرد، أي أن عينه باردة لسروره، ولهذا قيل: دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة. ومن ثم قيل في ضده: أسخن الله عينَه، وإنما حلفت أم رَومان بذلك، لما وقع عندها من السرور بالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصّدِّيق رضي الله تعالى عنه. وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبيَّ عليه الصلاة والسلام، فأقسمت به، وفيه بُعد. قلت: لا بعد فيه، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قرة عين كل مؤمن حاضر في ذهنه، فضلًا عن الصحابة.
و"لا" في قوله: "لا وقرة عيني" زائدة، أو نافية، على حذف تقديره:"لا شيء غير ما أقول". وقوله:"لهي الآن"، أي: الجفنة أو البقية. وقوله:"أكثر مما قبل"، بالمثلثة للأكثر، ولبعضهم بالموحدة، وفي رواية مسلم:"أكثر منها قبل"، وهي أوجه. وقوله:"إنما كان الشيطان"، يعني يمينه، وقع هكذا وفيه حذف تقديره: وإنما كان الشيطان الحامل على ذلك، يعني على يمينه التي حلفها في قوله: والله لا أَطْعَمُه أبدًا. وعند مسلم والإسماعيلي:"وإنما كان ذلك من الشيطان"، يعني يمينه، وهو أوجه.
وظاهر سياق رواية سُلَيمان التَّيْمي هذه مخالف لرواية الجَريريّ. قال