للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه التطويف في المخمصة، وفيه جواز الغَيبة عن الأهل والولد والضيف، إذا أُعِدّت لهم الكفاية. وفيه تصرف المرأة فيما تقدم للضيف، والإطعام بغير إذن خاص من الرجل. وفيه جواز سب الوالد للولد على وجه التأديب، والتمرين على أعمال البِرّ وتعاطيه وفيه جواز الحلف على ترك المباح، وفيه توكيد الرجل الصادق لخبره بالقسم، وجواز الحنث بعد عقد اليمين. وفيه التبرك بطعام الأولياء والصُّلَحاء. وفيه عرض الطعام الذي تظهر فيه البركة على الكبار، وقولهم ذلك.

وفيه العمل بالظن الغالب؛ لأن أبا بكر ظن أن ابنه عبد الرحمن فرّط في أمر الأضياف، فبادر إلى سبه. وقوّى القرينة عنده اختباؤه منه، وفيه ما يقع من لطف الله تعالى بأوليائه، وذلك أن خاطر أبي بكر تشوش، وكذلك ولده وأهله وأضيافه، بسبب امتناعهم من الأكل، وتكدر خاطر أبي بكر من ذلك حتى احتاج إلى ما تقدم ذكره من الحرج بالحلف وبالحنث وبغير ذلك، فتدارك الله ذلك، ورفعه عنه بالكرامة التي أبداها له، فانقلب ذلك الكدر صفاءًا، والنكد سرورًا، ولله الحمد والمنة.

وفيه فضيلة الإيثار والمواساة، وأنه عند كثرة الأضياف يوزعهم الإِمام على أهل المحلة، ويعطي لكل واحد منهم ما يعلم أنه يتحمله، ويأخذ هو ما يمكنه، ومن هذا أخذ عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، فعمله في عام الرَّمَادة على أهل كل بيت مثلهم من الفقراء، ويقول لهم: لم يهلك امرؤ عن نصف قوته، وكانت الضرورة ذلك العام. وقد تأول سفيان بن عيينة في المواساة في المسغبة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}، ومعناه: أن المؤمنين تلزمهم القربة في أموالهم لله تعالى، عند توجه الحاجة إليهم، ولهذا قال كثير من العلماء: إن في المال حقًا سوى الزكاة، وورد في التِّرمذيّ مرفوعًا، وفيه ما كان عليه الشارع من الأخذ بأفضل الأمور، والسبق إلى السخاء والجود، فإن عياله عليه الصلاة والسلام كانوا قريبًا من عدد ضيفانه هذه الليلة، فأتى بنصف طعامه أو نحوه، وأتى أبو بكر، رضي الله تعالى عنه بثلث طعامه أو أكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>