يرجع، فيشهد كذلك، ويكون الصوت في الترجيح أرفع من الأول، وهو وإن كان في العدد مربعًا، فهو في الصورة مثنى، ويالترجيع هكذا قالت الشافعية، غير أنهم يجعلون الشهادتين الأُوليين سرًا، والترجيع جهرًا، ووافقت الشافعية أيضًا على تثنية التكبير في الإقامة، وإفراد غيره، إلا قد قامت الصلاة، فإنها تثنى عندهم أيضًا.
وقالت الحنفيّة والشافعية: إن التكبير في أول الأذان مربع، وأجابوا عن لفظ:"وأن يشفع الأذان"، بأن لفظ الشفع يتناول التثنية والتربيع، فليس في لفظ حديث الباب ما يخالف ذلك، على أن تكرير تثنيته في الصورة مفردة في الحكم، ولذا يستحب أن يقالا بنَفَس واحد. واستدل مالك بظهور الشفع في الاثنين، ويرواية ذلك من وجوه صحيحة في أذان أبي محذورة، وأذان ابن زيد، والعمل على ذلك بالمدينة في آل سعد القَرَظ إلى زمانه. واحتج القائلون بتربيع التكبير بما رواه مسلم وأبو عوانة والحاكم، من حديث أبي محذورة، وهو المحفوظ عند الشافعي من حديث ابن زيد.
واحتجت الشافعية على تكرير:"قد قامت الصلاة" في الإقامة، برواية سماك بن عطية الآتية عند المصنف، بلفظ:"وأن يُوتِر الإقامة" إلا الإقامة، وقد أجابت المالكية عنه مما قاله ابن منده، من أن قوله:"إلا الإقامة" من قول أيوب، غير مسند، ولذا لم يذكره إسماعيل بن علية في روايته. قال: ففي رواية سماك هذه إدراج، وكذا قال أبو محمد الأصيلي: قوله: "إلا الإقامة"، هو من قول أيوب، وليس من الحديث. وتعقب هذا في "الفتح"، بأن عبد الرزاق رواه عن أيوب بسنده متصلًا بالخبر مفسرًا. ولفظه:"كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة، إلا قوله قد قامت الصلاة". وأخرجه أبو عوانة في صحيحه، والسراج في مسنده، وللإسماعيليّ من هذا الوجه، ويقول: قد قامت الصلاة، مرتين، والأصل أنَّ ما كان في الخبر فهو منه حتى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل في رواية إسماعيل، لأنّه إنما يتحصل منها أن خالدًا كان لا يذكر الزيادة، وكان أيوب يذكرها، وكل منهما روى الحديث عن أبي قِلابة، عن أنس، فكأنّ في رواية أيوب زيادة من حَافظ، فتقبل.