رواية مسلم والنَّسائيّ، والبوق والقرن معروفان. وقد مرّ ما يفعل به. وقوله:"فقال عمر: أولا تبعثون رجلًا"، زاد الكشميهنيّ:"منكم". وقوله:"أو" الهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر، كما في نظائره. قال الطيبيّ: الهمزة إنكار للجملة الأولى المقدرة، وتقرير للجملة الثانية.
وقوله:"يُنادي بالصلاة"، قال القرطبي: يحتمل أن يكون عبد الله بن زيد لما أخبر برؤياه، وصدَّقه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بادر عمر، فقال: أوَلا تبعثون رجلًا ينادي، أي: يؤذن للرؤيا المذكورة، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"قم يا بلال"، فعلى هذا فالفاء في سياق حديث ابن عمر هي الفصيحة، والتقدير: فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد، فجاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقص، فصدّقه، فقال عمر. لكن سياق حديث عبد الله بن زيد يخالف ذلك، فإن فيه أنه لما قص رؤياه على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قال له:"ألقها على بلال فليؤذن بها". قال: فسمع عمر الصوت، فخرج، فأتى النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: لقد رأيت مثل الذي رأى، فدل على أن عمر لم يكن حاضرًا لما قَصّ عبد الله بن زيد رؤياه، والظاهر أن شارة عمر بإرسال رجل ينادي للصلاة، كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه، وأن رؤيا عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك.
وقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي عمير بن أنس، عن عمومته من الأنصار، قالوا: اهتم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها؟ فقيل: إنصب راية عند حضور وقت الصلاة، فإذا رأوها آذَنَ بعضُهم بعضًا، فلم يعجبه الحديث. وفيه ذكر القُنْع، بضم القاف وسكون النون، يعني البوق، وذكروا الناقوس، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم، فأُري الأذان، فغدا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: وكان عمر رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يومًا، ثم أخبر به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال:"ما منعك أن تخبرنا؟ " فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:"يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد، فافعله". ترجم له أبو داود "بدء الأذان".