تقديره أنه سمع معاوية يسمع المؤذن يومًا، فقال مثله.
رابعها: أن الزيادة في رواية وَهْب بن جَرِير لم ينفرد بها لمتابعة معاذ بن هشام في هذه الرواية، وأما المبهم الذي حدث يحيى به عن معاوية، فقد قال في "الفتح": لم أقف على تعيينه، وما حكاه الكِرْمانيّ من أنه الأوزاعيّ فيه نظر، لأن قائل ذلك حدث به عن معاوية، وأين عصر الأوْزاعيّ من عصر معاوية؟ والظاهر أنه علقمة بن وقّاص أن كان يحيى بن أبي كثير أدركه، وإلا فأحد ابنيه عبد الله بن عَلْقَمة أو عمرو بن علقمة، لوروده عن كل منهما. فقد أخرجه النَّسائيّ، واللفظ له، وابن خزيمة وغيرهما، عن عبد الله بن علقمة بن وقّاص، عن أبيه، قال: إني لعند معاوية إذ أذن مؤذن، فقال معاوية كما قال، حتى قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول ذلك.
ورواه ابن خُزَيْمة أيضًا عن عمرو بن علقمة، قال: كنت عند معاوية، فذكر مثله، وأوضح سياقًا منه، وقد تبين بهذه الرواية أن ذكر الحوقلة في جواب: حي على الفلاح اختُصر من رواية حديث الباب، بخلاف ما تمسك به بعض من وقف مع ظاهره. وقد أخرج مسلم من حديث عمر بن الخطاب نحو حديث معاوية، وإنما لم يخرجه البُخاريّ لاختلاف وقع في وصله وإرساله، كما أشار إليه الدارقطنيُّ، ولم يخرج مسلم حديث مُعاوية؛ لأن الزيادة المقصودة منه ليست على شرط الصحيح، للمبهم الذي فيها، لكن إذا انضم أحد الحديثين إلى الآخر قوي جدًا، وفي الباب أيضًا عن الحارث بن نوفل الهاشميّ وأبي رافع، وهما في الطبراني وغيره، وعن أنس في البزَّار وغيره.
وقوله:"لا حول ولا قوة ... " إلخ، قيل: الحول الحركة، أي: لا حركة وإلا استطاعة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله. وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته. رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: