وعند الشافعية وجه أن يقول ذلك بعد الأذان، وآخر أنه يقوله بعد الحَيْعَلَتين، والذي يقتضيه الحديث هو ما تقدم، وقوله:"الصلاة في الرِّحال" بنصب الصلاة، والتقدير صلوا الصلاة. والرحال جمع رَحْل، وهو مسكن الرجل وما فيه من أثاثه. قال النَّوويّ فيه: أن هذه الكلمة تقال في نفس الأذان. وفي حديث ابن عمر الآتي في باب الأذان للمسافر، أنها تقال بعده. قال: والأمران جائزان كما نص عليه الشافعي، لكن بعده أحسن، ليتم نظم الأذان. قال: ومن أصحابنا من يقول: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهو ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس. فكلامه يدل على أنها تزاد مطلقًا، إما في أثنائه وإما بعده، لا أنها بدل من حي على الصلاة. وقد مرَّ عن ابن خُزَيْمة وغيره ما يخالفه. وقد ورد الجمع بينهما في حديث آخر أخرجه عبد الرزاق وغيره بإسناد صحيح عن نُعَيْم النَّخَّام، قال:"أذّن مؤذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للصبح في ليلة باردة، فتمنيت لو قال: ومن قعد فلا حرج، فلما قال: الصلاة خير من النوم قالها".
وقوله:"فقال فعل هذا"، كأنه فهم من نظرهم الإنكار، وفي رواية الحجبي:"كأنهم أنكروا ذلك"، وفي رواية ابن عُليّة:"فكأنَّ الناس استَنكروا ذلك". وقوله:"من هو خيرٌ منه"، وللكُشميهنيّ:"منهم"، وللحجبيّ:"مني" يعني النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، كذا في أصل الرواية، ومعنى رواية الباب:"من هو خير من المؤذن"، يعني فعله مؤذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو خير من هذا المؤذن. وأما رواية الكشميهني ففيها نظر، ولعل من أذن كانوا جماعة إن كانت محفوظة، أو أراد جنس المؤذنين، أو أراد خير من المنكرين.
وقوله:"وإنها عَزْمَة"، أي: الجمعة كما مرَّ، عزْمة بسكون الزاي، ضد الرخصة. زاد ابن عيينة:"وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين". وفي رواية الحجبي:"إني أؤثمكم" وهي ترجح رواية من روى: "أحرجكم" بالحاء