إلا متوضىء" وفي إسناده ضعف، والصحيح أنه مُرْسَل عن الزُّهريّ وعند ابن أبي شَيْبَة أمر مُجاهد مؤذِّنه أنه لا يؤذن حتى يتوضأ، وهذا التعليق وصله عبد الرَّزّاق عن جَرير، وعَطَاء هو ابن أبي رَبَاح وقد مرَّ في التاسع والثلاثين من العلم.
ثم قال: وقالتْ عائشةُ رضي الله تعالى عنها "كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذكرُ الله على كلِّ أحيانهِ".
وفي إيراد البخاري له هنا إشارة إلى اختيار قول النَّخَعِي، وهو قول مالك والكوفيين؛ لأن الأذن ليس من جملة الأركان، فلا يشترط فيه ما يشترط في الصلاة والطهارة، ولا من استقبال القبلة، كما لا يستحب فيه الخشوع الذي ينافيه الالتفات، وجعل الأُصْبَعَ في الأذن، فعند مالك وأبي حَنيفة وأَحْمد: يكره أذان الْمُحْدِث حدثًا أكبر، وإقامته. والكراهة في الإقامة أشد، ولا يكره أذان المحدث حدثًا أصغر، وتكره إقامته لما فيه من الفصل بين الإقامة والصلاة بالاشتغال بأعمال الوضوء. وقال الكَرْخيّ من الحنفية: لا تكره الإقامة على غير وضوء وقال محمد بن الحَسَنُ: إذا أَذّن الجُنُبُ أحب إلى أن يعيد الأذان، وإن لم يعد أجزأه.
وقال صالح "الهداية": الأشبه بالحق أن يعاد أذان الجنب، ولا تعاد الإقامة، لأن تكرر الأذان مشروع في الجملة. وقال عَطَاء والأوْزَاعيّ وبعض الشافعية: تشترط فيهما الطهارة، وفائدة شدة الكراهة في الإقامة، مع تقرر من أن المكروه لا ثواب في فعله ولا عقاب، وإنما يثاب على تركه هي أن ما اشتدت كراهته يكون الثواب في تركة أكثر من الثواب في ترك ما لم تشتد كراهة فعله، أو أن المعاتبة على ما اشتدت كراهته، آكد من المعاتبة على ما دونه. وقال الشافعيّ في "الأم": يكره الأذان بغير وضوء، ويجزىء إن فعل، وللجنب أشد كراهة، لغلظ الجنابة، والإقامة أغلظ من الأذان في الحدث والجنابة لقربها من الصلاة وبهذا تعرف مناسبة ذكره لهذه الآثار في هذه الترجمة، ولاختلاف نظر العلماء فيها أوردها بلفظ الاستفهام، ولم يجزم بالحكم. وهذا التعليق وصله مسلم، وقال التّرمذيّ حسن غريب، ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي.