الترجمة. وقال النوويّ: فيه أن يتفرع للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإِمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أَولى من التشاغل بالنافلة، وقيل لئلا تلتبس صلاة الفرض بالنفل، وقيل: الحكمة في الإنكار هي عدم الفصل بين الفرض والنفل، لئلا يلتبسا، وإلى هذا جنح الطَّحَاويّ، واحتج له بالأحاديث الواردة بالأمر بذلك، وتعقبه في الفتح قائلاً: لو كان المراد مجرد الفصل بين الفرض والنفل لم يحصل إنكار أصلًا؛ لأن ابن بحينة سلّم من صلاته قطعًا، ثم دخل في الفرض، وتعقب هذا الاستدلال بأن المراد فصل بغير السلام طويل، لا مجرد السلام. ثم قال: ويدل على ذلك حديث قيس بن عمر الذي أخرجه أبو داود وغيره "إذا صلى ركعتي الفجر بعد الفراغ من صلاة الصبح، فلما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سأله، لم ينكر عليه قضاءها بعد الفراغ من صلاة الصبح" متصلًا فدل على أن الإنكار على ابن بُحَيْنَة إنما كان للتنفل حال صلاة الفرض، وهو موافق لعموم حديث الترجمة، وقد مرَّ عنده تحرير مذهب المالكية، وأنهم استدلوا به على أن لا تُبتدأ صلاة بعد الإقامة، واستدلوا بقوله أيضًا "فلا صلاة إلا المكتوبة" على قطع الصلاة التي هو فيها إذا أقيمت صلاة الراتب. قال ابن عبد البَرّ وغيره: الحجة عند التنازع السنة، فمن أدلى بها فقد أفلح وترك التنفل عند إقامة الصلاة، وتداركها بعد أداء الفرض أقرب إلى اتباع السنة، ويتأكد ذلك من حيث المعنى، بأن قوله في الإقامة "حي على الصلاة" معناه: هلموا على الصلاة التي يقام لها، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه بغيره.
وقالت الشافعية والحنابلة بكراهة صلاة ركْعَتَي الفجر عند الإقامة، مستدلين بحديث الترجمة. وقال أبو حامد وكثير من الشافعية: إنه يقطع النافلة إذا أقيمت الفريضة، وخص آخرون منهم النَّهْيَ بمن ينشىء النافلة عملًا بعموم قوله تعالى:{وَلاَ تُبْطِلُوا أعْمَالَكُم}[محمد: ٣٣] وقيل: يفرق بين من يخشى فوت الفريضة في الجماعة فيقطع، وإلا فلا. وقالت الحنفية: لا بأس أن يصليهما خارج المسجد عند بابه، إذا تيقن أنه يدرك الركعة الأخيرة مع الإِمام، لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، فضيلة السنة وفضيلة الجماعة، وإنما قيدوا