للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسالم، وأخرج مالك في الموطأ عن عُروة بن الزُّبَير قال: جاءت سَهْلَة بنت سُهَيل وهي امرأة أبي حُذَيفة، فقالت: "يا رسول الله، إنا كنا نرى سالماً ولدًا، وكان يدخل عليّ وأنا فُضُل، فماذا ترى فيه؟ " فذكر الحديث، ووصله عبد الرزاق عن مالك، وكان عمر بن الخطّاب يُفْرط في الثناء عليه. وروي عنه أنه قال: لو كان سالم حيًا ما جعلتها شورى. قال ابن عبد البَرّ: وهذا عندي إن كان مما يصدر فيها عن رأيه. روى ابن المبارَك أن لواء المهاجرين كان مع سالم، فقيل له في ذلك، فقال: بئس حامل القرآن أنا إن فررت، فقطعت يمينه، فأخذه بيساره، فقطعت فاعتنقه إلى أن صرع. فقال لأصحابه: ما فعل أبو حُذَيفة؟ يعني مولاه، قيل: قتل. قال أضْجعِوني بجنبه. فأرسل عمر ميراثه إلى معتقته ثُبَيّة، فقالت: إنما أعتقته سائبة، فجعله في بيت المال.

وذكر ابن سعد أن عمر أعطى ميراثه لأمه فقال كليه، هكذا قال في الإصابة، وقال ابن عبد البَرّ: قتل يوم اليمامة شهيدًا هو ومولاه أبو حُذَيْفَة، فوجد رأس أحدهما عند رجل الآخر، وذلك سنة اثنتي عشرة من الهجرة، وكان من البدريين، له حديثان أحدهما عند البَغَوِيّ من طريق عبدة بن أبي لُبابَة قال: "بلغني عن سالم مولى أبي حُذيفة قال: كان لي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجة، فقعدت في المسجد أنتظر، فخرج، فقمت إليه، فوجدته قد ركع، فقعدت قريبًا منه، فقرأ البقرة ثم النساء والمائدة والأنعام، ثم ركع ثانيهما" عند سمويه وابن شاهِين من طريق عَمرو بن دِيْنار قَهْرَمان آل الزُّبير "حدثني شيخ من الأنصار عن سالم مولى أبي حُذَيْفَة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ليجاء يوم القيامة بقوم لهم حسنات مثل جبال تِهَامة، فيجعل الله أعمالهم هباء، كانوا يصلون ويصومون، ولكن إذا عرض لهم شيء من الحرام وثبوا عليه. وفي السندين ضعف وانقطاع، فقول ابن أبي حاتم: أنه ما روي عنه شيء، يحمل على أنه لم يصح عنه شيء.

وأما أبو حُذَيْفَة، فهو أبو حُذَيْفَة بن عُتْبَة بن رَبيعَةَ بن عَبْدِ شمس بن عبد مناف، القُرَشي العَبْشَميّ، كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين، جمع الله له الشرف والفضل، صلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، كان إسلامه قبل دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم للدعاء فيها إلى الإِسلام، هاجر مع امرأته سَهْلة بنت سُهَيل بن عمرو إلى الحبشة، ولدت له فيها محمد بن أبي حُذَيْفَة، ثم قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا وأحدًا والخَنْدَق والحُدَيْبيَة والمشاهد، وقتل يوم اليمامة شهيدًا، وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة. يقال: اسمه مُهْشِم أو هُشَيم أو هشام، وكان رجلًا طُوالًا حسن الوجه أحول أشعل، والأشعل الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>