وعم يتساءلون، ولابن خزيمة عن الأعمش مثله، وزاد فيه فقال الأعمش: أولهن الرحمن وآخرهن الدخان، ثم سردها كما سردها أبو داود فقال بعد قوله: كان يقرأ النظائر السورتين في كل ركعة الرحمن والنجم في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة والذاريات والطور في ركعة والواقعة ونون في ركعة وسأل والنازعات في ركعة وويل للمطففين وعبس في ركعة والمدثر والمزمل في ركعة وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة هذا لفظ أبي داود. ولابن خزيمة مثله إلا أنه لم يقل في ركعة في شيء منها وذكر السورة الرابعة قبل الثالثة والعاشرة قبل التاسعة ولم يخالفه في الاقتران.
وعرف بهذا أن قوله في رواية واصل وسورتين من آل حم مشكل؛ لأن الروايات لم تختلف أنه ليس في العشرين من الحواميم غير الدخان فيحمل على التغليب، أو فيه حذف كأنه قال: وسورتين إحداهما من آل حم وكذا قوله: آخرهن حم الدخان وعم يتساءلون مشكل؛ لأن حم الدخان آخرهن في جميع الروايات، وأما عمّ فهي في رواية أبي خالد الأحمر عند ابن خزيمة الثامنة عشرة وفي رواية أبي إسحاق عند أبي داود السابعة عشرة فكان فيه تجوز لأن عمّ وقعت في الركعتين في الجملة ويتبين بهذا أن في قوله: في حديث الباب عشرين سورة من المفصل تجوزًا لأن الدخان ليست منه ولذلك فصلها من المفصل في رواية واصل نعم يصح ذلك على أحد الآراء في حد المفصل كما مرَّ في المحل المذكور آنفًا، وفيه من الفوائد كراهة الإفراط في سرعة التلاوة لأنه ينافي المطلوب من التدبر والتفكر في معاني القراءة ولا خلاف في جواز السرد بدون تدبر، لكن القراءة بالتدبر أعظم أجرًا، وفيه جواز تطويل الركعة الأخيرة على ما قبلها وقد مرّ الكلام على هذا في باب القراءة في الظهر.
وهذا الحديث أوّل حديث موصول أورده في هذا الباب، فلهذا صدر الترجمة بما دل عليه، وفيه ما ترجم له، وهو الجمع بين السور؛ لأنه إذا جمع بين السورتين ساغ الجمع بين ثلاث فصاعدًا لعدم الفرق. وقد روى أبو داود وصححه ابن خزيمة عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين السور؟ قالت: نعم من المفصل. ولا يخالف هذا ما يأتي في التهجد أنه جمع بين البقرة وغيرها من الطوال لأنه يحمل على النادر، وقال عياض: حديث ابن مسعود هذا يدل على أن هذا القدر كان قدر قراءته غالبًا، وأما تطويله فإنما كان في التدبر، والترتيل، وما ورد غير ذلك من قراءة البقرة، وغيرها في ركعة فكان نادرًا. قال في "الفتح": لكن ليس في حديث ابن مسعود ما يدل على المواظبة، بل فيه أنه كان يقرن بين هذه السور المعنيات إذا قرأ من المفصل قلت: لفظة كان المذكورة في الحديث مما يدل على الدوام والاستمرار فتغير ما قاله عياض. فلعل صاحب "الفتح" غفل عن ذلك، وفيه موافقة لقول عائشة، وابن عباس أن صلاته بالليل كانت عشر ركعات غير الوتر، وفيه ما يقوي قول القاضي أبي بكر الباقلاني المار: إن تأليف السور كان عن اجتهاد من الصحابة لأن تأليف عبد الله المذكور مغاير لتأليف مصحف عثمان وسيأتي ذلك في باب