التكثير، ويكون ذكر البضع للتَّرَقّي، يعني أن شعب الإِيمان أعداد مبهمة، ولا نهاية لها، ولو أراد التحديد لم يُبْهم، وقال آخرون: المراد حقيقة العدد، ويكون النص وقع أولًا على البِضْع والستين، لكونه الواقع، ثم تجددت العشر الزائدة، فنص عليها.
وقوله:"شُعبة" بضم الشين، أي قطعة، والمراد الخَصْلة، أو الجزء، قال القاضي عِياض: تكلف جماعة حَصر هذه الشعب بطريق الاجتهاد، وفي الحكم يكون ذلك هو المراد صعوبةٌ، ولا يقدح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الإِيمان، وقد لَخَّصَ في "الفتح" ما أورده، فقال: إن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن، فأعمال القلب المعتقدات والنيّات، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة، وأعمال اللسان تشتمل على سبع خِصال، وأعمال البدن تشتمل على ثلاث وثلاثين خَصْلة.
فالأربع والعشرون المشتملة على أعمال القلب هي الإِيمان بالله، ويدخل فيه الإِيمان بذاته، وصفاته، وتوحيده بأنه ليس كمثله شيءٌ، واعتقادُ حدوث ما دونه، والإِيمان بالملائكة وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، والإِيمان باليوم الآخر، ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور، والحساب، والصراط، والجنة، والنار، ومحبة الله، والحب والبغض فيه، ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واعتقاد تعظيمه، ويدخل فيه الصلاة عليه، واتباع سنته، والإِخلاص، ويدخل فيه ترك الرياء، والنفاق، والتوبة، والخوف، والرجاء، والشكر، والوفاء، والصبر، والرضا بالقضاء، والتوكل، والرحمة، والتواضع، ويدخل فيه توقير الكبير، ورحمة الصغير، وترك الكبر، والعجب، وترك الحسد، وترك الحقد، وترك الغضب.
وأعمال اللسان المشتملة على سبع خصال هي: التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن، وتعلم العلم، وتعليمه، والدعاء، والذكر، ويدخل فيه الاستغفار، واجتناب اللغو.