حينئذ وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي وأصله عند النسائي إذا حشر الناس قاموا أربعين عامًا شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم والشمس على رؤوسهم حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر وفي حديث أبي سعيد عند أحمد أنه يخفف الوقوف عن المؤمن حتى يكون كصلاة مكتوبة وسنده حسن ولأبي يعلى عن أبي هريرة كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب وللطبراني عن عبد الله بن عمر ويكون ذلك اليوم أقصر على المؤمن من ساعة من نهار.
وقوله:"مَنْ كان يعبد شيئًا فليتبع" أي: بحذف هاء الضمير وفي بعض النسخ إثباته. وقوله:"فمنهم مَنْ يتبع الشمس ومنهم يتبع القمر ومنهم يتبع الطواغيت" ورواية الرقاق فيتبع مَنْ كان يعبد الشمس ويتبع مَنْ كان يعبد القمر ويتبع مَنْ كان يعبد الطواغيت أي: بحذف المفعول في الثلاثة أي: يتبع الشمس مَنْ كان يعبد الشمس إلخ. قال ابن أبي جمرة في التنصيص على ذكر الشمس والقمر مع دخولهما فيمن عبد من دون الله التنويه بذكرهما لعظم خلقهما وفي حديث ابن مسعود ثم ينادي مناد من السماء أيها الناس أليس عدل من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما كان تولى قال: فيقولون: بلى ثم يقول لتنطلق كل أُمة إلى مَنْ كانت تعبد وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد وفي رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة في مسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وأصله في مسلم بعد قوله: إلا كما تضارون في رؤيتهما فيلقي العبد فيقول ألم أكرمك وأزوجك وأُسخر لك؟ فيقول: بلى، أظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: إني أنساك كما نسيتني الحديث. وفيه ويلقي الثالث فيقول آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت فيقول: ألا نبعث عليك شاهدًا فيختم على فيه وتنطق جوارحه وذلك المنافق ثم ينادي مناد ألا ليتبع كل أُمة ما كانت تعبد.
وقوله:"ومَنْ كان يعبد الطواغيت" جمع طاغوت يكون جمعًا ومفردًا ومذكرًا ومؤنثًا وفيه خلاف قيل هو الشيطان والصنم وقال الطبري الصواب عندي أن كل طاغ طغى على الله تعالى يعبد من دونه إما بقهر منه لمن عبد وإما بطاعة ممن عبد إنسانًا كان أو شيطانًا أو حيوانًا أو جمادًا قال: فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى النار قهرًا وفي حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم وفيه إشارة إلى أن كل مَنْ كان يعبد الشيطان ونحوه ممن يرضى بذلك أو الجماد والحيوان داخلون في ذلك وأما مَنْ كان يعبد مَنْ لا يرضى بذلك كالملائكة والمسيح فلا يكن في حديث ابن مسعود فيتمثل لهم ما كانوا يعبدون فينطلقون، وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره فأفادت هذه الزيادة تعميم مَنْ كان يعبد غير الله إلا مَنْ سيذكر من اليهود والنصارى فإنه يخص من عموم ذلك بدليله الآتي ذكره وأما التعبير بالتمثيل فقال ابن العربي: يحتمل