الاحتمال السابق هل العدد للجميع والمجموع. وفي رواية ابن عجلان ظاهرها أن العدد للجميع، لكن يقول ذلك مجموعًا وهذا اختيار أبي صالح، لكن الرواية الثانية عن غيره الإفراد قال عياض: وهو أولى، ورجح بعضهم الجمع للإتيان فيه بواو العطف، والذي يظهر أن كلًا من الأمرين حسن إلا أن الإفراد يتميز بأمر آخر وهو أن الذاكر يحتاج إلى العدد، وله على كل حركة لذلك سواء كان بأصابعه أو بغيرها ثواب لا يحصل لصاحب الجمع منه إلا الثلث. وفي رواية ورقاء عن سمي عند المصنف في "الدعوات" في هذا الحديث: "تسبّحون عشرًا وتحمدون عشرًا وتكبّرون عشرًا" وليس في شيء من طرق حديث أبي هريرة من تابع ورقاء على ذلك لا عن سمي ولا عن غيره، ويحتمل أن يكون تأول ما تأول سهيل من التوزيع، ثم ألغى الكسر ويعكر عليه أن السياق صريح في كونه كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولرواية العشر شواهد منها عن علي عند أحمد وعن سعد بن أبي وقاص عند النَّسائيّ، وعن عبد الله بن عمرو عنده، وعند أبي داود والترمذِيّ، وعن أُم سلمة عند البزار، وعن أُم مالك الأنصارية عند الطبراني.
ويجمع بين هذا الاختلاف باحتمال أن يكون ذلك صدر في أوقات متعددة أولها عشرًا عشرًا، ثم إحدى عشرةَ إحدى عشرةَ، ثم ثلاثًا وثلاثين، ثلاثًا وثلاثين، ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل التخيير أو يفترق بافتراق الأحوال. وقد جاء عن زيد بن ثابت وابن عمر أنه "عليه الصلاة والسلام أمرهم أن يقولوا كلَّ ذِكرٍ منها خمسًا وعشرينَ، ويزيدوا فيها لا إلهَ إلاَّ اللهُ خمسًا وعشرينَ". ولفظ زيد بن ثابت "أُمرنا أن نسبِّحَ في دُبُر كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ ونحمدَ ثلاثًا وثلاثينَ ونكبِّرَ أربعًا وثلاثينَ، فأتي رجلٌ في المنام فقيلَ لهُ أَمرَكم محمدٌ أنْ تسبِّحُوا فذكرهُ قال: نعم، قال: اجعلُوها خمسًا وعشرينَ، واجعلوا فيها التهليلَ، فلّما أَصبحَ أتى النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وأخبَرهُ. فقال: فافعلُوه". أخرجه النَّسائي وابن خزيمة وابن حِبّان. ولفظ ابن عمر:"رأى رجلٌ منَ الأنصارِ فيما يرى النائمُ فذكَر نحوَهُ، وفيه فقيل له: سبِّحْ خمسًا وعشرينَ، واحمدْ خمسًا وعشرينَ وكبِّرْ خمسًا وعشرينَ وهللْ خمسًا وعشرينَ فتلكَ مائةٌ فأمرهمُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يفعلوا كما قال" أخرجه النَّسائيّ وجعفر الفريابي. واستنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة، وإلا لكان يمكن أن يقال لهم أضيفوا لها التهليل ثلاثًا وثلاثين. وقد كان بعض العلماء يقول: إن الأعداد الواردة كالذِكر عقب الصلواتِ إذا رتب عليها ثواب مخصوص، فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد.
قال الحافظ زين الدين العراقي: وفيه نظر؛ لأنه أتى بالمقدار الذي رتب الثواب على الإتيان به، فحصل له الثواب بذلك، فإذا زاد عليه من جنسه كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله؟ ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنية، فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثم أتى بالزيادة فالأمر كما قال العراقي، وإن زاد بغير نية بأن يكون الثواب رتب على عشرة مثلًا، فرتبه هو على مائة مثلًا فيتجه القول الماضي. وقد قال العراقي في "القواعد" من البِدع المكروهة الزيادة في