وقال جابر وغيره: أولهم إسلامًا علي ابن أبي طالب، لما روي مرفوعًا عن سَلْمان الفارسي، أنه قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "أول هذه الأمةِ ورودًا على الحوض أولُهم إسلامًا علي بن أبي طالب". ولقوله، رضي الله تعالى عنه:"صلَّيتُ مَع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُصَلِّي معه غَيري إلا خديجة". وقال على المنبر:"لَقَدْ صَلَّيْتُ قبلَ أن تُصليَ النّاس سبعًا".
قلت: لعل هذا لم يصح عنه، رضي الله تعالى عنه، لأن الصلاة إنما نزلت ليلة الإسراء، ومعلوم أن أبا بكر إذ ذاك مسلم؛ وقد قيل: إنه سمي الصديق لتصديقه بالإسراء؛ فكيف يصدر هذا من علي، رضي الله تعالى عنه؟! وادعى الحاكم الإجماع على أن عليًا هو أول من أسلم، ودعواه مردودة غير مقبولة، قال مَعْمَر عن الزُّهري: أولهم إسلامًا زيد بن حارثِة. وقال قَتادة وأبو إسحاق: أول الناس إسلامًا خديجة، أم المؤمنين.
وادّعى الثَّعْلَبيُّ الاتفاق على ذلك؛ فقال: الخلاف إنما هو فيمن أسلم بعدها. قالَ النووي: هذا القول هو الصواب عند جماعة من المحققين.
وقال ابن إسحاق: أول من آمن خديجة، ثم علي وهو ابن عشر، ثم زيد، ثم أبو بكر فأظهر إسلامه، ودعا إلى الله سبحانه وتعالى؛ فأسلم بدعائه عثمان، والزبير، وعبد الرحمن بن عَوْف، وسعد بن أبي وَقاص، وطَلْحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء النفر الثمانية أسبق الناس إسلامًا.
قلت: على هذا القول ذهب الشِّنْقِيْطِيُّ في نظمه حين قال:
وقيل: أولهم إسلامًا بلال، لخبر مسلم السابق. قلت: ليس في خبر مسلم دلالة على أسبَقِيَّة بلال في الإِسلام لأبي بكر؛ فإن غاية ما في الحديث أنهما معه، عليه الصلاة والسلام، على الإِسلام، ولم يبين