وقوله:"ويتطهر ما استطاع من الطُهر" وللكشميهني من طُهْرٍ بالتنكير، والمراد منه المبالغة في التنظيف، ويؤخذ من عطفه على الغُسل إن إفاضة الماء تكفي في حصول الغُسل أو المراد به التنظيف بأخذ الشارب والظفر والإبط والعانة، أو المراد بالغُسل غسل الجسد، وبالتطهير غسل الرأس.
وقوله:"ويدّهن" المراد به إزالة شعث الشعر به، وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة. وقوله:"أو يمس من طيب بيته" أي: إن لم يجد دهنًا. ويحتمل أن يكون (أو) بمعنى الواو وإضافته إلى الميت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبًا ويجعل استعماله له عادة فيدخره في البيت، وهذا بناء على أن المراد بالبيت حقيقته. لكن في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود "أو يمسّ من طيب إمرأتهِ" فعلى هذا، فالمعنى إن لم يتخذ لنفسه طيبها، فليستعمل من طيب امرأته وهو موافق لحديث أبي سعيد الماضي ذكره عند مسلم حيث قال فيه:"ولو من طيب المرأة" مرّ في باب الطيب للجمعة وفيه أن بيت الرجل يطلق وتراد به امرأته. وفي حديث عبد الله بن عمرو المذكور من الزيادة "ويلبس من صالحِ ثيابهِ" وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا.
وقوله:"ثم يخرج" زاد في حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة "إلى المسجد"، ولأحمد من حديث أبي الدرداء:"ثم يمشي وعليه السكينة".
وقوله:"فلا يفرق بين اثنين" في حديث عبد الله بن عمرو المذكور "ثم لم يتخط رقابَ الناسِ" وفي حديث أبي الدرداء "ولم يتخط أحدًا ولم يؤذِهِ". وقوله:"ثم يصلّي ما كتب له" في حديث أبي الدرداء "ثم يركع ما قضي له". وفي حديث أبي أيوب "فيركع إن بدا له".
وقوله:"ثم ينصت إذا تكلم الإِمام" زاد في رواية قرثع الضبي "حتى يقضي صلاته"، ونحوه في حديث أبي أيوب. وقوله:"غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" في رواية قاسم بن يزيد "حطَّ عنه ذنوبَ ما بينه وبين الجمعة" والمراد بالأخرى التي مضت كما في رواية ابن عجلان عند ابن خزيمة بلفظ: "غُفر له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها". ولابن حِبّان عن أبي هريرة:"غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها" وهذه الزيادة أيضًا في رواية سعيد عن عمارة عن سلمان، لكن لم يقل من التي بعدها، وأصله عند مسلم وزاد ابن ماجه عن أبي هريرة "ما لم تغش الكبائر"، ونحوه لمسلم. وفي الحديث من الفوائد أيضًا: كراهة التخطي يوم الجمعة قال الشافعي: أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل للمصلى إلا بذلك، وهذا يدخل فيه الإمام ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام عنه لضرورة، واستثنى المتولي من الشافعية من يكون معظمًا لدينه أو علمه أو ألف مكانًا يجلس فيه إذ لا كراهة في حقه، وفيه نظر. وكان مالك يقول: لا يكره التخطي إلا إذا كان الإمام على المنبر، وفيه مشروعية النافلة قبل صلاة الجمعة لقوله:"صلّى ما كُتب له" ثم قال: "ثم ينصت إذا تكلّم الإمام"