شبه ذلك المكان لكثرة الوحوش بسوق غسْقلان، وقال الأزْهَريّ: عسقلانُ من أجناد الشام، وقال الجوهرِيُّ: وهي عروس الشام، وقال ابن الأثير: هي من فلسطين، وبها كان دار إبراهيم عليه السلام، وقد خَرَجَ منها خلق كثير من أهل العلم، وفي القرن الخامس استولى عليها الإِفرنج -لعنهم الله تعالى- ثم فتحها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله تعالى. وأَخْرَبَ قلعتها خوفًا من سَطْوة الكفرة، فاستولى عليها الخراب إلى زماننا هذا، وأما الآن فلم يَبْقَ بها إلا الرسوم، فسبحان الحي القيوم، وعسقلان أيضًا بلدة بِبَلخ أو مَحلّة، والأخير أرجح، منها أبو يحيى عيسى ابن أحمد بن عيسى بن وردان العَسْقَلاني البَلْخي ثقة عن عبد الله بن وَهْب، وبَقِيّة بن الوليد، وعنه النَّسائي أيضًا وأبو حاتم.
الثاني: شعبة بن الحَجّاج بن الوَرْد العَتَكيّ الأزْدِيّ مولاهم أبو بِسطام الواسِطِيّ ثم البَصْريّ.
قال أبو طالب عن أحمد: شعبة أثبت في الحكم من الأعمش، وأعلم بحديث الحكم، ولولا شُعبة ذهب حديث الحكم، وشعبة أحسن حديثا من الثَّورِي لم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا أحسن حديثًا منه، قُسِم له من هذا حظ، وروى: عن ثلاثين رجلًا من أهل الكوفة، لم يَرْو عنهم سُفيان، وقال محمَّد بن العباس النَّسائي: سألت أبا عبد الله: من أثبت شعبة أو سفيان؟ فقال: كان سفيان رجلًا حافظًا، وكان رجلًا صالحًا، وكان شعبة أثبت منه، وأتْقى وجلا، وسمع من الحكم قبل سفيان بعشر سنين. وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن، يعني في الرجال، وبصره بالحديث، وتثبته، وتنقيته للرجال، وقال مَعْمر: كان قتادة يسأل شعبة عن حديثه، وقال حمّاد بن زَيْد: قال لنا أيوب: الآن يطْلُعُ عليكم رجل من أهل واسِطٍ هو فارس في الحديث، فخُذُوا عنه. وقال أبو الوليد الطَّيَالِسيُّ: قال لي حماد بن سَلَمة: إذا أردت الحديث فالزَم شعبة، وقال حمّاد بن زَيْد: ما أُبالي من خَالَفني إذا وَافقني شُعبة، فإذا خالفني شُعبة في شيء تركته.