دخول الليل، واستشكل بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار، وهو بخلاف الآية، ثم قال: وقال عطاء: إذا كنت في قرية جامعة نودي بالصلاة من يوم الجمعة فحق عليك أن تشهدها سمعت النداء أو لم تسمعه. وقوله:"سمعت النداء أو لم تسمعه" يعني إذا كنت داخل البلد.
وبهذا صرّح أحمد ونقل النووي أنه لا خلاف فيه، وزاد عبد الرزاق في هذا الأثر عن ابن جريج أيضًا قلت لعطاء: ما القرية الجامعة؟ قال: ذات الجماعة والأمير والقاضي والدور المجتمعة الآخذ بعضها ببعض كجدة.
وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه وعطاء قد مرّ في التاسع والثلاثين من العلم. ثم قال:"وكان أنسٌ -رضي الله تعالى عنه- في قصرِه أحيانًا يجمّعُ وأحيانًا لا يجمّعُ وهو بالزاوِيةِ على فرسخين".
قوله:"يجمع" أي: يصلي بمن معه الجمعة أو يشهد الجمعة بجامع البصرة. وقوله:"هو بالزاوية" أي: القصر، والزاوية موضع ظاهر (البصرة) معروف كانت فيه وقعة كبيرة بين الحجّاج وابن الأشعث وهي بكسر الواو. وقوله:"على فرسخين" أي: من (البصرة). وهذا وصله ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أنس أنه كان يشهد الجمعة من الزاوية وهي على فرسخين من البصرة. وهذا يرد على مَنْ زعم أن الزاوية موضع (بالمدينة المنورة) كان فيه قصر لأنس على فرسخين منها وعرف بهذا أن التعليق المذكور ملفق من أثرين، ولا يعارض ذلك ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ثابت قال: كان أنس يكون في أرضه وبينه وبين (البصرة) ثلاثة أميال فيشهد الجمعة بالبصرة لكون الثلاثة أميال فرسخًا واحدًا؛ لأنه يجمع بأن الأرض المذكورة غير القصر، وبأن أنسًا كان لا يرى التجميع حتمًا إن كان على فرسخين أو أكثر، ويراه حتمًا إن كان أقل من ذلك؛ ولهذا لم يقع في رواية ثابت التخيير الذي في رواية حميد. وهذا التعليق وصله مسدد في "مسنده الكبير" عن أبي عوانة عن حميد بهذا. وأنس مرّ في السادس من "الإِيمان".