وبما أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رفعه "نعمت الأضحية الجذعة من الضأن" وفي سنده ضعف.
وقوله:"أحب إلى من شاتي لحم" المعنى أنها أطيب لحمًا وأنفع للآكلين لسمنها ونفاستها، وقد استشكل هذا بما ذكر في العتق أن عتق نفسين أفضل من عتق نفس واحدة، ولو كانت أنفس منهما وأجيب بالفرق بين العتق والأضحية أن الأضحية يطلب فيها كثرة اللحم فتكون الواحدة السمينة أولى من الهزيلتين والعتق يطلب فيه التقرب إلى الله تعالى بفك الرقبة، فيكون عتق الاثنين أولى من عتق الواحدة. نعم، إن عُرض للواحد وصف يقتضي رفعته على غيره كالعلم وأنواع الفضل المتعدي، فقد جزم بعض المحققين بأنه أولى لعموم نفعه للمسلمين.
وفي رواية شعبة في حديث البراء الآتي هي خير من مسنة التي سقطت أسنانها للبدل. وقال أهل اللغة: المسن الثني الذي يلقي سنه ويكون في ذات الخف في السنة السادسة، وفي ذات الظلف والحافر في السنة الثالثة. وقال ابن فارس: إذا دخل ولد الشاة في السنة الثالثة فهو ثني وحسن.
وقوله:"فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا" قد وقع في حديث البراء الآتي قريبًا اختصاصه بذلك، ويأتي الكلام عليه. وكأن أنسًا لم يسمع ذلك، وقد روى ابن عون عن الشعبي حديث البراء وعن ابن سيرين حديث أنس، فكان إذا حدث حديث البراء يقف عند قوله: ولن تجزىء عن أحد بعدك ويحدث بقول أنس "لا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا"، ولعله استشكل الخصوصية بذلك لما جاء من ثبوت ذلك لغير أبي بردة كما يأتي بيانه في الحديث الذي بعده.
واستدل من قال بوجوب الأضحية بقوله في هذا الحديث:"فَلْيُعِدْ"، وبقوله في حديث جندب بن سفيان:"فَلْيُعِدْ مكانها أخرى". وفي رواية "اذبحْ مكانها أخرى"، وفي لفظ "أَعِدْ نسكًا" وغير ذلك من الألفاظ المصرحة بالأمر بالضحية والقائل بوجوبها أبو حنيفة فإنه قال: إنها تجب على الموسر المقيم. وقال مالك إنها سنة عين على كل حر لا تجحف به وإن يتيمًا. وعند الشافعية والجمهور سُنّة مؤكدة على الكفاية، وفي وجه للشافعية من فروض الكفاية. وقال أحمد يكره تركها مع القدرة، وعنه واجبة، وعن محمد بن الحسن هي سُنّة غير مرخص في تركها. قال الطحاوي: وبه نأخذ، وليس في الآثار ما يدل على وجوبها، وأقرب ما يتمسك به للوجوب بحديث أبي هريرة رفعه "مَنْ وجد سعة فلم يُضحِ فلا يَقْرَبَنَّ مصلانا" أخرجه ابن ماجه وأحمد، ورجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب قاله الطحاوي وغيره ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب.
وأما الاستدلال بالألفاظ المتقدمة، فقد قال القرطبي: لا حجة في شيء من ذلك وإنما