للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأرض. وأجيب باحتمال أن الراوي ضمن النزول معنى الانتقال أي: انتقل. وقوله: "وهو يتوكأ على يد بلال" جملة حالية. قيل يحتمل أن يكون البخاري استنبط من قوله هذا: "وهو يتوكأ" مشروعية الركوب لمن احتاج إليه، وكأنه يقول الأولى المشي حتى يحتاج إلى الركوب. كما خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- قائمًا على رجليه فلما تعب من الوقوف توكأ على بلال والجامع بين الركوب والتوكؤ الارتفاق بكل منهما قاله ابن المرابط، وأما عدم الأذان والإقامة فليس في أحاديث الباب ما يدل عليه إلا حديث ابن عباس في ترك الأذان وأحد طريقي جابر، والذي يظهر أنه أشار إلى ما ورد في بعض طرق الأحاديث التي ذكرها.

أما حديث ابن عمر ففي رواية النسائي "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم عيد فصلى بغير أذان ولا إقامة" الحديث.

وأما حديث ابن عباس وجابر ففي رواية عطاء عن جابر عند مسلم: "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة"، وعنده عن جابر أيضًا قال: "لا أذان للصلاة يوم العيد ولا إقامة ولا شيء". وفي رواية يحيى القطان عن ابن جريج عن عطاء أن ابن عباس قال لابن الزبير: "لا تؤذن لها ولا تُقمْ" أخرجه ابن أبي شيبية عنه.

ولأبي داود عن ابن عباس "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى العيد بلا أذان ولا إقامة" إسناده صحيح.

وفي الحديث عن جابر بن سمرة عند مسلم وعن سعد بن أبي وقاص عند البزار وعن البراء عند الطبراني في "الأوسط" وقال مالك في "الموطأ": سمعت غير واحد من علمائنا يقول: لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم وتلك السنة التي لا خلاف فيها عندنا وعرف بهذا توجيه أحاديث الباب ومطابقتها للترجمة.

واستدل بقول جابر المار "ولا إقامة ولا شيء" على أنه لا يقال أمام صلاتها شيء من الكلام وهذا هو الذي مرَّ قريبًا عن مالك وهو قوله وقول الجمهور فلا يقال قبلها: الصلاة جامعة ولا الصلاة.

وذهب الشافعي إلى طلب ذلك قبلها واحتج بما رواه عن الثقة عن الزهري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن في العيدين أن يقول الصلاة جامعة". وهذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف، لثبوت ذلك فيها كما سيأتي. قال الشافعي: أحب إلى أن يقول الصلاة أو الصلاة جامعة، فإن قال: هلموا إلى الصلاة لم أكرهه وإن قال حيّ على الصلاة أو غيرها من ألفاظ الأذان أو غيرها كرهت له ذلك.

واختلف في أول من أحدث الأذان فيها أيضًا فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية، وروى الشافعي عن الثقة عن الزهري مثله، وزاد فأخذ به الحجاج حين أُمر على المدينة. وروى ابن المنذر عن حصين بن عبد الرحمن قال: أول من أحدثه زياد بالبصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>