وابن عمر مرّ في أول كتاب "الإيمان" قبل ذكر حديث منه. ثم قال: "وكانت ميمونة تكبّرُ يومَ النحر" قال فى "الفتح": لم أقف على أثرها هذا موصولاً. قال العيني: وقد روى البيهقي أيضًا تكبير ميمونة، وقد مرّت ميمونة في الثامن والخمسين من "العلم".
ثم قال: "وكان النساءُ يكبّرنَ خلف أبان بن عثمانَ وعمرَ بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجالِ في المسجدِ". في رواية غير أبي ذر "وكنّ النساء" على اللغة القليلة وأبان المذكور كان أميرًا على المدينة في زمن ابن عم أبيه عبد الملك بن مروان، وحديث أم عطية الآتي في الباب سلفهن في ذلك، وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغير ذلك من الأحوال. وفيه اختلاف بين العلماء في مواضع:
فمنهم مَنْ قصر التكبير على أعقاب الصلوات.
ومنهم مَنْ خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل.
ومنهم من خصه بالرجال دون النساء وبالجماعة دون المنفرد وبالوقتية دون المقضية وبالمقيم دون المسافر وبساكن المصر دون القرية. وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع، والأثار التي ذكرها تساعده.
وللعلماء اختلاف أيضًا في ابتدائه وانتهائه: فقيل من صبح يوم عرفة، وقيل من ظهره، وقيل من عصره، وقيل من صبح يوم النحر، وقيل من ظهره، وقيل في الانتهاء إلى ظهر يوم النحر، وقيل إلى عصره، وقيل إلى ظهر ثانية، وقيل إلى صبح آخر أيام التشريق، وقيل إلى ظهره، وقيل ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث.
وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود "أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام (مني) " أخرجهما ابن المنذر وغيره.
والصحيح من مذهب الشافعية أن استحبابه يعم الصلاة فرضًا ونفلًا ولو جنازة ومنذورة ومقضية في زمن استحبابه لكل مصلٍّ حاج أو غيره مقيم أو مسافر ذكر أو أنثى منفرد أو غيره من صبح عرفهَ إلى عقب عصر آخر أيام التشريق للاتباع رواه الحاكم وصححه لكن ضعفه البيهقي.
قال في "المجموع": البيهقي أتقن من شيخه الحاكم وأشد تحريًا، وهذا في غير الحج وعليه العمل كما قال النووي وصححه في "الأذكار". وقال في "الروضة": إنه الأظهر عن المحققين، لكن صحح في "المنهاج" كأصله أن غير الحاج كالحاج يكبر من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق.
وخص المالكية استحبابه بالفرائض الحاضرة وهو عندهم من ظهر يوم النحر إلى عقب صبح اليوم الرابع.
وقال أبو حنيفة: يجب من صلاة صبح يوم عرفة، وينتهي بعصر يوم النحر.