ولا بعده، فقال الفرزدق: كان أبو موسى والله أفضل من أن يُجَرِّبَ الحِجَامة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسَكَت أبو بُردة على غَيْظ.
وحُكِيَ أن أبا صفْوان خالد بن صفوان التَّمِيميّ الشاعر المشهور بالبلاغة، كان يدخل على بلال بن أبي بُردة المذكور، فيحدثه فَيَلْحن في كلامه، فلما كَثُر ذلك على بلال، قال له: يا خالد، تحدثني أحاديث الخلفاء، وتلْحَن لَحْن السقاءات يعني النساء اللواتي يسقين الماء للناس، فصار خالد بعد ذلك يأتي المسجد، ويتعلم الإِعراب، فكُفَّ بَصَرُه، فكان إذا مَرَّ به موكب بلال يقول: من هذا؟ فيقال: الأمير، فيقول خالد:
سَحَابةُ صَيفٍ عَنْ قَلِيلٍ تَقْشَعُ
فقيل ذلك لبلال، فقال: والله لا تَقْشَع حتى يصيبَك منها شُؤبوب، وأمر به، فضُرب مئتي سوط، وكان خالد كثير الهَفَوات لا يتأمل ما يقول ولا يفكر فيه وهو من ذرية عَمْرو بن الأهْتَم التَّمِيميّ الصحابي رضي الله عنه.
روى أبو بردة عن أبيه، وعلي، وحُذيفة، وعبد الله بن سَلَام، والأغَرَّ المُزَنِي، والمُغيرة، وعائشة، ومُحمد بن سَلَمة، وابن عُمر، وابن عَمرو، وعن عُروة بن الزُّبير وهو من أقرانه.
وروى عنه: أولاده سعيد وبلال، وحفيده أبو بُردة، والشَّعبيّ وهو من أقرانه، وعاصم بن كُلَيب، وجامع بن شَدّاد، وثابت البُناني، وأبو إسحاق الشَّيْباني، وحميد بن هِلال، وآخرون.
مات سنة أربع ومئة، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقال ابن سعْد: مات هو والشَّعْبيّ سنة ثلاث ومئة في جُمُعَةٍ واحدة رحمهما الله تعالى.
وأبو بُردة في الستة سواه ثلاثة، حفيده المار قريبًا، وابن نِيَار البَلَويّ