الكيفية، فافترقا، وعلى تقدير اتِّحاد السؤالين، فالجواب هو العمل على اختلاف حال السائلين أو السامعين، فيمكن أن يُراد في الجواب الأول تحذير من خُشِيَ منه الإِيذاء بيدٍ أو لسان، فأُرْشِد إلى الكفِّ، وفي الثاني ترغيب من رُجِي منه النفع العام بالفعل والقول، فأرشد إلى ذلك، وخَصَّ هاتين الخصلتين بالذكر لمسيس الحاجة لهما في ذلك الوقت لما كانوا فيه من الجَهْد، ولمصلحة التألف، ويدُلُّ على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام حَثَّ عليهما أول ما دخل المدينة، كما رواه التِّرمِذيّ وغيره مصححًا عن عبد الله بن سَلام، قال: أول ما دَخَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انْجَفَل الناس إليه، فكنت ممن جاءه، فلما تأملت وجهه واشتبهته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال:"أيُّها الناس، أفشوا السَّلام، وأطْعموا الطّعام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام، تدخُلوا الجنّة بسلام".
وقوله:"تطعم الطعام" في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير أنْ، أي: هو أن تُطعم الطعام، فأن مصدرية، والتقدير هو إطعام الطعام على حد: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وإنما قال: تطعم، ولم يقل: تُؤْكِل ونحوه لأن لفظ الإِطعام يتناول الأكل والشُّرب والذَّوق، قال الشاعر: