هذا الحديث عند أهل العلم بالنقل، وفي إسناده غير واحد من المجهولين وجعفر ذاهب الحديث، وروى ابن سعد في "الطبقات" عن عمرو بن سعيد "أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز مع ابن أخي فأدركني العطش فشكوت إليه ولا أرى عنده شيئًا، قال: فثنى وركه فنزل فأهوى بعصاه إلى الأرض فإذا بالماء فقال اشرب يا عمّ فشربت".
فهذه الأحاديث قيل إنها رويت عن أبي طالب، ولا غرابة في تسميته له بالصادق الأمين فإن كفار قريش كانوا يسمونه بالأمين ويقرون له بالصدق كما ثبت في الأحاديث الصحاح، وإنما كتبت ما كتبت إثباتًا لما هو الحق في هذه الشريعة المحمدية من عدم إسلام أبي طالب مع أني أود أن كل من كان بينه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قرابة يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب، ولكن الشرع لابد من تبيينه.
مات أبو طالب في نصف شوال من السنة العاشرة، وكان له يوم مات بضع وثمانون سنة.
ثم قال:"وقال عمرُ بنُ حمزةَ حدثنا سالمٌ عن أبيه ربّما ذكرتُ قولَ الشاعرِ وأنا أنظرُ إلى وجهِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يستسقي حتى يجيشَ كلُّ ميزاب".
قوله: "يَستسقي" بفتح أوله زاد ابن ماجه في روايته "على المنبر" وفي روايته أيضًا "في المدينة".
وقوله: "يَجِيش" بفتح أوله وكسر الجيم وآخره شين معجمة يقال جاش الوادي إذا زخر بالماء، وجاشت القدر إذا غلت، وجاش الشيء إذا تحرك وهو كناية عن كثرة المطر.
وقوله: "كل ميزاب" بكسر الميم وبالزاي معروف وهو ما يسيل منه الماء من موضع عال. وفي رواية الحموي "حتى يجيش لك" بتقديم لام الجر على الكاف وهو تصحيف.
وعمر بن حمزة المذكور في هذا التعليق وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار المذكور في الطريق السابقة الموصولة مختلف في الاحتجاج بهما, ولكن اعتضدت إحدى الطريقين بالأخرى، وهذا من أمثلة أحد قسمي "الصحيح" كما تقرر في علوم الحديث. وهذا التعليق وصله أحمد وابن ماجه والإسماعيلي من رواية أبي عَقِيل عبد الله بن عَقِيل الثقفي عنه بالتكبير فيهما.
ورجاله ثلاثة:
مرّ سالم في السابع عشر من "الإيمان" وذكر أبيه الآن، وأما عمر فهو ابن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني. ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان ممن يخطىء، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه وأخرج الحاكم حديثه في "المستدرك" وقال: أحاديثه كلها مستقيمة. وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال النسائي ضعيف. وقال ابن معين: عمر بن حمزة