للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بياضُ إبطيه ثم حوّلَ إلى الناسِ ظهرَهُ وقلبَ أو حول رداءَه وهو رافعٌ يديه ثم أقبلَ على الناسِ ونزلَ فصلَّى ركعتينَ فانشأ الله سحابةً فرعدتْ وبرقتْ ثم أمطرتْ بإذنِ اللهِ تعالى، فلمْ يأت مسجدَهُ حتي سالتِ السيولُ فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحكَ حتى بدتْ نواجذُهُ فقال أشهدُ أنّ اللهِ على كلِّ شيءٍ قديرٌ وأني عبدُ اللهِ ورسولُه.

وبهذا أخذ الحنفية والمالكية والحنابلة فقالوا: إن وقت صلاتها وقت العيد، والراجح عند الشافعية أنه لا وقت لها معين وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنها لا تختص بيوم معين، بل جميع الليل والنهار وقت لها؛ لأنها ذات سبب فدارت مع سببها كصلاة الكسوف، لكن وقتها المختار وقت صلاة العيد كما صرح به الماوردي وابن الصلاح لهذا الحديث.

وعند أحمد وأصحاب "السنن" عن ابن عباس "خَرجَ -صلى الله عليه وسلم- متبذلًا متواضعًا متضرعًا حتى أتى، المُصلّى فَرَقِيَ المنبرَ لابسًا ثيابَ بذلة" بكسر الموحدة وسكون المعجمة المهنة؛ لأنه اللائق بالحال، وفارق العيد بأنه يوم عيد وهذا يوم مسألة واستكانة، وهل تصنع بالليل استنبط بعضهم من كونه -صلى الله عليه وسلم- جهر بالقراءة فيها بالنهار أنها نهارية كالعيد، وإلا فلو كانت تصلى بالليل لأسرّ فيها بالنهار وجهر بالليل كمطلق النوافل، ونقل ابن قدامة الإجماع على أنها لا تصلّى في وقت الكراهة.

وأفاد ابن حبان أن خروجه عليه الصلاة والسلام إلى المصلى للاستسقاء كان في رمضان سنة ست من الهجرة.

وقوله: "فاستقبل القبلة وحول رداءه" تقدم ما فيه في الحديث الذي قبله. وقوله: "وصلى ركعتين" في رواية يحيى بن سعيد المذكورة عند ابن خزيمة "وصلى بالناس ركعتين"، وفي رواية الزهري الآتية في باب (كيف حول ظهره ثم صلى لنا ركعتين) استدل به على أن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة وهو مقتضى حديث عائشة وابن عباس المذكورين، لكن وقع عند أحمد في حديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وكذا في حديث أبي هريرة عند ابن ماجه حيث قال: "فصلى بنا ركعتين بغير أذان ولا إقامة".

والمرجح عند المالكية والشافعية والحنابلة الخطبة بعد الصلاة، وليس في شيء من طرق حديث عبد الله بن زيد صفة الصلاة المذكورة ولا ما يقرأ فيها.

وقد أخرج الدارقطني عن ابن عباس أنه يكبر فيهما سبعًا وخمسًا كالعيد، وأنه يقرأ فيهما {سبّح} و {هَلْ أتَاكَ} ووفي إسناده مقال لكن أصله في "السنن" بلفظ ثم "صلى ركعتين" كما يصلي في العيد. وأخذ بظاهره الشافعي فقال: يكبر فيهما كما سبق.

واستدل أبو إسحاق في "المهذب" له بما رواه الدارقطني "أن مروان أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سنة الاستسقاء فقال: سنة الاستسقاء الصلاة كالصلاة في العيدين إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- قلب رداءه فجعل يمينه يساره ويساره يمينه، وصلى ركعتين كبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>