نحوه عن أبي هريرة، فيجتمع من هذا خمسة. ووقع ذكر شاهد يوسف أيضًا في حديث عمران بن حصن، لكنه موقوف، وروى ابن أبي شيبة من مرسل هلال بن يساف مثل حديث ابن عباس، إلا أنه لم يذكر ابن الماشطة.
وفي مسلم عن صهيب في قصة أصحاب الأخدود أن امرأة جيء بها لتلقى في النار أو لتكفر، ومعها صبي يرضع، فتقاعست، فقال لها: يا أمَّه اصبري، فإنك على الحق. وزعم الضحاك في تفسيره، أن يحيى تكلم في المهد، أخرجه الثعلبىّ، فإنْ ثبت صاروا سبعة. وذكر البغويّ في تفسيره أن إبراهيم الخليل تكلم في المهد، وفي سير الواقديّ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم أوائل ما ولد، وقد تكلم في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- مبارك اليمامة، وقصته في "دلائل النبوءة" للبيهقيّ من حديث معرض، بالضاد المعجمة.
وقد اختلف في شاهد يوسف، فقيل:"كان صغيرًا، وهذا أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس" وسنده ضعيف، ومرَّ قريبًا من ذكره في أصحاب المهد، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير وأخرج عن ابن عباس أيضًا ومجاهد: أنه كان ذا لحية، وعن قتادة والحسن أيضًا أنه كان حكيمًا من أهلها.
وفي هذا الحديث باعتبار طرقه من الفوائد إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع؛ لأن الاستمرار فيها نافلة، وإجابة الأم وبِرُّها واجب، ولذا أجيبت فيه الدعوة اعتبارًا بكونه ترك الصلة، وحسنت عاقبته، وظهرت كرامته اعتبارًا بحق الصلاة، ولم يكن هذا تناقضًا بل هو من جنس قوله عليه الصلاة والسلام "واحتجبي منه يا سَوْدة" اعتبارًا للشبه المرجوح، وقول ابن بطال: إن سبب دعائها عليه لإباحة الكلام إذ ذاك مُعارضٌ بقول جريج المشهود له بالكرامة "أمي وصلاتي" إذ ظاهره عدم إجابته كما مرَّ، ولا يقال إنْ كان جريج مصيبًا في نظره وأخذ بإجابة الدعوة فيه لزم التكليف بما لا يطاق، لأن الحق أن المؤاخذة هنا ليست عقوبة، وإنما هي تنبيه على عظم حق الأم، وإن كان مرجوعًا في اعتقاده.
وقال النوويّ: إنما دعت عليه فأجيبت لأنه كان يمكنه أن يخفف ويجيبها لكن لعله خشي أن تدعوه إلى مفارقة صومعته والعود إلى الدنيا وتعلقاتها. وفيه نظر، لما من من أنها كانت تأتيه فيكلمها، والظاهر أنها كانت تشتاق إليه فتزوره، وتقنع برؤيته وتكليمه، وكأنه لم يخفف ثم يجيبها؛ لأنه خشي أن ينقطع خشوعه. وفيه أيضًا عظم بِرِّ الوالدين، وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذورًا، لكن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة، ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة، أو القتل. وفيه أن صاحب الصدق مع الله، لا تضره الفتن. وفيه قوة يقين جريج المذكور، وصحة رجائه؛ لأنه استنطق المولود مع كون العادة أنه لا ينطق، ولولا صحة رجائه بنطقه ما استنطقه.
وفيه أن الأمرين إذا تعارضا بُدىء بأهمهما وأن الله يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارج، وإنما