قوله: حتى قضاها، أي فرغ منها، ولم يُردِ القضاء الذي هو ضد الأداء، وقوله: كل شيء وعدته، في رواية يونس عند مسلم "وعدتم" وله في حديث جابر "عرض علي كل شيء تولجونه" وقوله: لقد رأيت، كذا للأكثر، وللحمويّ والمستمليّ لقد رأيته. ولمسلم حتى لقد رأيتني، وهو أَوْجَه. وقوله: أريد أن آخذ قِطفًا أي عُنْقودَ عنب، وهو بكسر أوله، وذكر ابن الأثير أن كثيرًا يروونه بالفتح، والصواب الكسر.
وفي رواية جابر: حتى تناولت منها قِطفًا، فقصرت يدي عنه. وقوله: حين رأيتموني جعلت أتقدم؛ قال الكرمانيّ: قال في جهنم حين رأيتموني تأخرت؛ لأنّ المتقدم كاد أن يقع، بخلاف التأخر، فإنه قد وقع. كذا قال. وقد وقع التصريح بوقوع المتقدم والتأخر جميعًا في حديث جابر عند مسلم، ولفظه "لقد جيء بالنار، وذلكم حين تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها" وفيه "ثم جيء بالجنة، وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي" وما في هذا الحديث من أمر الكسوف مرَّ الكلام عليه في أبواب الكسوف، ومرَّ استيفاء الكلام على ما فيه من أمر الجنة والنار في باب كُفران العشير، من كتاب الإِيمان، وقوله: يحطم بكسر الطاء.
وقوله: وفيها عمرو بن لُحَيّ، قد مرَّ في الثاني والأربعين من كتاب الإيمان بعض الكلام عليه، ويأتي إتمامه في أيام الجاهلية. وقوله: وهو الذي سَيَّب السوائب، جمع سائبة، ويأتي تفسيرها قريبًا إن شاء الله. ومعنى سيّب السوائب: سَيَّب النُّوق التي تسمى السوائب. والسائبة كانوا يُسَيِّبُونها لآلهتهم، فلا يحمل عليها شيء. قال أبو عبيدة: كانت السائبة من جميع الأنعام، وتكون من النذور للأصنام، فتسيب، فلا تحبس عن مرعى ولا عن ماء، ولا يركبها أحد. وقيل: السائبة لا تكون إلا من الإبل، كان الرجل ينذر إن برِىء من مرضه، أو قدم من سفره، لَيُسَيبنَّ بعيرًا.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: السائبة، كانوا يسيبون بعض إبلهم، فلا تمنع حوضًا، أن تشرب منه، وقال الفراء: اختلف في السائبة، فقيل: كان الرجل يسيب من ماله ما شاء، يذهب إلى السَّدَنَة، وهم الذين يقومون على الأصنام. وقيل: السائبة الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناثٌ، سُيِّبَتِ فلم تُركب، ولم يُجَزَّ لها وبر، ولم يشرب لها لبن. وإذا ولدت بنتها بُحِرَت، أي: شُقَّت أذنها، فالبَحِيرة بنت السائبة. وهي بمنزلة أمها.
وقال البخاريّ: البحيرة هي التي يمنع دَرُّها للطواغيت أي الأصنام، فلا يحلبها أحدٌ من