عنِ عليّ رضي الله تعالى عنه أنه هو الذي وقع له ذلك مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخرج الطبراني عن سَهْل بن حُنيف بسند ضعيف رفعه "من قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن زاد ورحمة الله كتبت له عشرون حسنة، ومن زاد وبركاته كُتِبِت له ثلاثون حسنة".
وأخرج عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنيّ عن أبيه بسند ضعيف نحو حديث عمران، وزاد في آخره "ثم جاء آخر، فزاد ومغفرته، فقال: أربعون" وقال: هكذا تكون الفضائل. وأخرج ابن السنيّ في كتابه بسند واهٍ عن أنس قال:"كان رجل يمر فيقول: السلام عليك يا رسول الله فيقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه". وأخرج البيهقيّ في الشعب بسند ضعيف أيضًا عن زيد بن أرقم "كنا إذا سلَّم علينا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته". وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت، قَوِيَ ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على "وبركاته"، واتفقوا على أن من سلّم لم يجزي في جوابه إلَّا السلام، ولا يجزي في جوابه "صبحت بالخير" أو "بالسعادة" ونحو ذلك.
واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام، هل يجب جوابه أم لا، وأقل ما يحصل به وجوب الرد أن يسمع المبتدىء، وحينئذ يستحق الجواب، ولا يكفي الرد بالإِشارة، بل ورد الزجر عنه، وذلك فيما أخرجه التِّرْمذي، عنن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده رفعه "لا تشبهوا باليهود والنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارُة بالإِصبَع، وتسليم النصارى بالأكف". قال الترمذيّ: غريب. قال صاحب الفتح: في سنده ضعف. لكن أخرج النسائي بسندٍ جيد عن جابر، رفعه "لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإِشارة". قال النوويّ: لا يرد على هذا حديث أسماء بنت يزيد "مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم" فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإِشارة، وقد أخرجه أبو داود من حديثها بلفظ "فسلّم علينا"، قلت: الذي يظهر لي في الجواب عن حديث أسماء، أنه عليه الصلاة والسلام ترك السلام عليهن لكونهن أجنبيات، ولم يعدمهن منه إحسانًا، فأشار إليهن بيده، ولعل هذا هو مستند المالكية في كراهية السلام على الأجنبية. وقد مرَّ في باب إطعام الطعام استيفاء الكلام على ذلك.
والنهي عن السلام بالإِشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسًا وشرعًا، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام، كالمصلي والبعيد، والأخرس، وكذا السلام على الأصم، ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربي هل يستحق الجواب؟ فيه ثلاثة أقوال للعلماء، ثالثها يجب لمن يحسن بالعربية، وقال ابن دقيق العيد الذي يظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب، وليس بمكروه، إلا أن يقصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم، من أجل أكابر أهل الدنيا، ويجب الرد على الفور، فلو أخر ثم استدرك فرد، لم يعد جوابًا. قاله القاضي حسين وجماعة: وكان محله إذا لم يكن عذر ويجب رد جواب السلام في