للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المغازي عن ابن عمر أنه قال: وقفت على جعفر يومئذ، وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دُبُره، يعني في ظهره، وهذا بيان لفرط شجاعته وإقدامه.

وفي رواية عنه "ووجدنا ما في جسده بضعًا وتسعين من طعنة وضربة" وعند أبي نعيم عن أبي معشر "تسعين" وظاهرها التخالف، ويجمع بأن العدد لا يكون له مفهوم، أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام، فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى، أو الخمسين مقيدة بأنها ليس فيها شيء في دبره، أي في ظهره، فقد يكون الباقي في بقية جسده، ولا يلزم من ذلك أنه ولَّى دبره، فهو محمول على أن الرمي إنما جاء من جهة قفاه، أو جانبيه، فيدل ذلك على إحاطة العدو به، لكن يؤيد الأول أن في رواية العمريّ عن نافع "فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده" بعد أن ذكر أن العدد بضع وتسعون. وللبيهقيّ في "الدلائل" بضعًا وتسعين، أو بضعًا وسبعين. وأشار إلى أن بضعًا وتسعين أثبت.

وأخرجه الإِسماعيليّ عن البخاري بلفظ "بضعًا وتسعين أو بضعًا وسبعين بالشك" قال في "الفتح": لم أر ذلك في شيء من نسخ البخاريّ، وأخرج البخاري عن خالد بن الوليد أنه قال: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صحيفة يمانية.

وفي الحديث جاز تعليق الإِمارة بشرط، وتولية عدة أمراء بالترتيب، وقد اختلف هل تنعقد الولاية الثانية في الحال أو لا، والذي يظهر أنها تنعقد في الحال، بشرط الترتيب، وقيل: تنعقد لواحد لا بعينه، وتتعين لمن عيّنها الإِمام على الترتيب. وقيل: تنعقد للأول فقط، وأما الثاني فبطريق الاختيار، واختيار الإِمام مقدم على غيره؛ لأنه أعرف بالمصلحة العامة.

وفيه جاز التأمر في الحرب بغير تأمير، وقال الطحاويّ: هذا أصل يؤخذ منه أن على المسلمين أن يقدموا رجلًا إذا غاب الإِمام يقوم مقامه، إلى أن يحضر. وفيه جواز الاجتهاد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه علم ظاهر من أعلام النبوءة، وفضيلة ظاهرة لخالد بن الوليد ومن معه من الصحابة، واختلف أهل النقل في المراد بقوله: "حتى فتح الله عليه" هل كان هناك قتال فيه هزيمة للمشركين، أو المراد بالفتح انحيازه بالمسلمين حتى رجعوا سالمين؟.

وفي رواية ابن إسحاق عن عُروة: فحاشر خالدٌ الناس، ودافع، وانحاز وانحِيز عنه، ثم انصرف بالناس، وهذا يدل على الثاني، ويؤيده ما مرَّ في سنن سعيد بن منصور. وذكر ابن سعد عن أبي عارم أن المسلمين انهزموا لما قتل ابن رواحة، حتى لا أرى اثنين جميعًا، ثم اجتمعوا على خالد بن الوليد.

وعند الواقديّ عن الحارث بن فضيل قال: لما أصبح خالد بن الوليد جعل مقدمته ساقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>