للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسألت أو قيل لي أنهما حين الموت أعرضا أو كأنهما صدّا بوجوههما وأما جعفر فإنه لم يفعل.

له أحاديث روى عنه ابنه عبد الله وابن مسعود وأم سلمة ورثى حسان بن ثابت أهل مؤتة بقصيدة منها:

رأيتُ خيارَ المؤمنين تواردوا ... شَعوب وقد خلفت ممن يؤخرُ

فلا يُبْعدنّ الله قَتلى تتَابعوا ... بمؤتةَ منهم ذو الجناحين جَعفرُ

وزيدٌ وعبد الله حينَ تَتابعوا ... جميعًا وأسبابُ المنيةِ تَخْطُرُ

وكنا نرى في جعفر من محمد ... وفاء وامرًا صارمًا حيث يؤمرُ

فلا زال في الإِسلام من آل هاشمٍ ... دعائمُ عزٍ لا يزولُ ومَفْخرُ

الثالث: خالد بن الوليد بن المُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، القرشيّ المخزوميّ، سيف الله أبو سليمان، أمُّه لُبابة الصغرى، بنت الحارث بن حرب، الهلالية. وهي أخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب. وهما أختا ميمونة بنت الحارث، زوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وكانت إليه أعنة الخيل في الجاهلية، والقبةَ القبةَ، فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش. شهد مع كفار قريش الحروب إلى عُمرة الحديبية، كما ثبت في الصحيح أنه كان على خيل قريش طليعة، ثم أسلم سنة سبع بعد خيبر، وقيل قبلها، ووهم من زعم أنه أسلم سنة خمس، فقد روى ابن إسحاق عن عمرو بن العاص قال: خرجت عامدًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين تريد يا أبا سليمان؟ قال: أذهبُ، والله، أُسلمُ، فحتى متى؟ قلت: وما جئت إلا لأسلم، فقدمنا جميعًا، فتقدم خالد فأسلم فبايع، ثم دنوت فبايعته ثم انصرفت.

وفي رواية أنه كان معهما عثمان بن طلحة، فلما رآهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، ولم يزل، منذ أسلم، يوليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعنة الخيل، فيكون في مقدمتها في محاربة الكفار. شهد غزوة مؤتة مع زيد بن حارثة، فلما مات الأمير الثالث: أخذ الراية، فانحاز بالناس. وخطب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فأعلم الناس بذلك، كما في الصحيحين، وشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة، فأبلى فيه، وشهد حنينًا، وكان على مقدمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بني سُلَيم، وجرح يومئذٍ، فأتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحله، بعدما هزمت هوازن، يعوده، فنفث في جرحه فانطلق.

وبعثه -صلى الله عليه وسلم- إلى جذيمة من بني عامر، فقتل منهم ناسًا لم يكن قتله لهم صوابًا، فودَّاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، وبعثه عليه الصلاة والسلام إلى العُزّى، وكان بيتًا كبيرًا لقريش وكنانة ومضر، صنمًا عظيمًا بنخلة، فهدمها وجعل يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>