بغلام، أحببّ إلى من ليلة شديدة الجليد .. نحوه. ومن هذا الوجه عن خالد "لقد شغلني الجهاد على تعلُّم كثير من القرآن".
استعمله أبو بكر على قتال أهل الردة، فأبلى في قتالهم بلاءً عظيمًا، فهزم طليحة ومن معه، ثم مضى إلى مُسَيْلَمة، فقتل اللهُ مسيلمة. وأخرج أبو زرعة الدمشقيّ أن أبا بكر عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردة، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول:"نِعْمَ عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله، سله الله على الكفار". ثم ولاّه حرب فارس والروم، فأثر تأثيرًا شديدًا، وافتتح دمشق.
وروى عن عروة قال: لما فرغ خالد من اليمامة، أمره أبو بكر بالمسير إلى الشام، فسلك عين التمر، وسبى ابنة الجوديّ من دومة الجندل، ومضى إلى الشام، فهزم عدو الله. واستخلفه أبو بكر على الشام إلى أن عزله عمر. وأخرج سعيد بن منصور أن خالد بن الوليد فقد قَلَنْسُوَته يوم اليرموك، فقال: اطلبوها، فلم يجدوها، فلم يزل حتى وجدوها، فإذا هي خَلِقَة، فَسُئل عن ذلك فقال: اعْتَمَر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فحلق رأسه، فابتدر الناس شعره، فسبقتهم إلى ناصيته، فجعلتها في هذه القَلَنْسُوة، فلم أشهد قتالًا وهي معي إلا تبين لي النصر. وفي رواية أبي يعلى: فما وجهت في وجه إلا فتح له".
وروى البخاريّ في تاريخه: لما عزل عمرُ خالدَ بن الوليد، خطب واعتذر من عزله، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: عزلت عاملًا استعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووضعت لواء رفعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنك قريب القرابة، حديث السن، مغضَبٌ لابن عمك. وسبب عزل عمر خالدًا ما ذكره الزبير بن بكّار قال: كان خالد إذا صار إليه المال قسمه في أهل الغنائم، ولم يرفع إلى أبي بكر حسابًا، وكان فيه تقدم على أبي بكر، يفعل أشياء لا يراها أبو بكر. أقدم على قتل مالك بن نُوَيرة، ونكح امرأته، فكره ذلك أبو بكر، وعرض الدية على متمم بن نويرة، وأمر خالدًا بطلاق امرأة مالك، ولم ير أن يعزله، وكان عمر ينكر هذا وشبهه على خالد.
وروى الزبير أن عمر قال لأبي بكر: اكتب إلى خالد لا يعطى شيئًا إلا بأمرك، فكتب إليه بذلك، فأجابه خالد "إما أن تدعني على عملي، وإلا فشأنك بعملك"، فأشار عليه عمر بعزله، فقال أبو بكر: فمن يجزي عني جزاء خالد؟ قال عمر: أنا، قال: فأنت، فتجهز عمر حتى أنيخ الظهر في الدار، فمشى أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر، فقالوا: ما شأن عمر يخرج وأنت محتاج إليه؟ وما بالك عزلت خالدًا وقد كفاك؟ قال: فما أصنع؟ قالوا: تعزم إلى عمر فيقيم، وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله، ففعل. فلما ولي عمر، كتب إلى خالد أن لا تعطي شاة ولا بعيرًا إلا بأمري، فكتب إليه خالد بمثل ما كتب لأبي بكر، فقال عمر: ما صدقت الله إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه، فعزله. ثم كان يدعوه إلى العمل فيأبى إلا أن يخليه يفعل ما يشاء، فيأبى عمر.