للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "والذي رأيته يشدخ رأسه، فرجل علَّمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة". وفي رواية التعبير: "أما الرجل الأول، الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ بالقرآن فيرفِضه، وينام عن الصلاة المكتوبة"، وقوله: "فيرفِضه"، بكسر الفاء، ويقال بضمها، قال ابن هبيرة: رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء، وهو القرآن، عوقب في أشرف أعضائه. وهو الرأس.

وقوله: "عن الصلاة المكتوبة" هذا أوضح من رواية الباب المارة؛ لأن ظاهرها أنه يعذب على ترك قراءة القرآن بالليل، بخلاف رواية التعبير هذه، فإنه على تركه الصلاة المكتوبة، ويحتمل أن يكون التعذيب على مجموع الأمرين، ترك القراءة وترك العمل. وقوله: والذي رأيته في الثقب فهم الزناة، مناسبة العري لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا؛ لأن عادتهم أن يستتروا في الخلوة، فعوقبوا بالهتك، والحكمة في إتيان العذاب من تحتهم كون جنايتهم من أعضائهم السفلى.

وقوله: "والذي رأيته في النهر آكلو الربا"، قال ابن هبيرة: "إنما عوقب آكل الربا بالسباحة في النهر الأحمر، والقامه الحجارة، إن أصل الربا يجري في الذهب، والذهب أحمر، وأما المقام الملك له الحجر، فإنه إشارة إلى أنه لا ينفي عنه شيئًا، وكذلك الربا، فإن صاحبه يتخيل أن ماله قد زاد، والله من ورائه مَحَقَه".

وقوله: "والشيخ في أصل الشجرة، إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله فأولاد الناس". وقوله: "فأولاد الناس"، إنما جاز دخول الفاء على الخبر لأن الجملة معطوفة على مدخول أما في قوله: "أما الرجل"، وقد تحذف الفاء في بعض المحذوفات نظرًا إلى أن "ما" لما حذفت، حذف مقتضاها، وكلاهما جائز، وإنما اختص إبراهيم لأنه أبو المسلمين. قال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} وقال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} الآية.

وفي التعبير: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال: وأولاد المشركين. وظاهره أنه ألحقهم بأولاد المسلمين، ولا يعارض ذلك قوله: "هم من آبائهم" لأن ذلك حكم الدنيا. وقوله: والذي يوقد النار مالكٌ خازنُ النار، وقد مرَّ في رواية التعبير"فأتينا على رجل كريه المرآة .. إلخ"، وإنما كان كريه الرؤية لأن في ذلك زيادة في عذاب النار، وفي التعبير زيادة "وأما القوم الذين كانوا شطرًا منهم حسن، وشطرًا منهم قبيح" كذا في الموضعين، بنصب شطرًا، ولغير أبي ذرٍّ "شطر" في الموضين بالرفع، وحسنًا وقبيحًا بالنصب، ولكلٍ وجهٌ، وللنَّسفَيّ والإسماعيلي في الجميع بالرفع، وعليه اقتصر الحميديّ في جمعه، وكان في هذه الرواية تامة، والجملة حالية.

وفي رواية الباب "والدار الأولى التي دخلت دار عامة المسلمين، وهذه الدار دار الشهداء، وأنا جبريل وهذا ميكائيل" وفي حديث أبي أمامة: "ثم انطلقنا، فإذا نحن برجال ونساء أقبح شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>