قال: كذب النسابون يعني أنهم يدَّعون علم الأنساب، والله تعالى نفى علمها عن العباد. وروي عن عمر أنه قال: إنما ينتسب إلى عدنان، وما فوقه لا يُدرى ما هو. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: بينَ عدنان، وإسماعيل ثلاثون أبًا لا يعرفون. وروي عن عروة بن الزبير أنه قال: ما وجدنا أحدًا يعرف بعد عدنان. وسئل مالك عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم فكره ذلك، وقال: من أخبره بذلك؟ وروي ذلك عنه في رفع نسب الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام؛ فالذي ينبغي الإعراض عنه.
والنسب المتفق عليه هو أنه محمَّد بن عبد الله الذبيح بن عبد المطلب، واسمه شيبة الحمد على الصحيح. قيل: سمي به لأنه ولد وفي رأسه شيبة، وقيل: اسمه عامر، وكنيته أبو الحارث بابن له هو أكبر أولاده.
وإنما قيل له: عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قال لأخيه المطلب وهو بمكة حيث أدركته الوفاة: أدرك عبدَك بيثرب؛ فمن ثَم سُمِّيَ عبدَ المطلب.
وقيل: إن عمَّه المطلب جاء به إلى مكة رديفه وهو بهيئة بَذَّة؛ فكان يُسأل عنه، فيقول: هو عبدي حياء أن يقول: هو ابن أخي. فلما أدخله وأحسن حاله، أظهر أنه ابن أخيه؛ فلذلك قيل له: عبدُ المطلب. وهو أوَّل من خضب بالسواد من العرب، وعاش مئة وأربعين سنة. وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد من بني عدي بن النجار. وعبد المطلب، ابن هاشم، واسمه عمرو، وإنما قيل له: هاشم، لأنه كان يهشِمُ الثريدَ لقومه في الجدب، وفي ذلك قال الشاعر:
وهاشم بن عبد مناف، واسمه المغيرة، ابن قُصي، بضم القاف تصغير قَصي، أي: بعيد سمي بذلك، لأنه تقصى مع أمه فاطمة بنت سعد من بني عُذرة، ونشأ مع أخواله مِن كلب في باديتهم، واسمه زيد وقيل: يزيد، وكان يُدعى مجمعًا، لأنه جمع القبائل من قريش حين انصرافه إليها. وفيه يقول الشاعر: