للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعًا، فنظروا فيها, ولا يَقْضي القاضي حتى يرفع إليهم، فينظرون، فيُصدرون. وقال ابن المُسَيِّب: كان عبد الله أشبه أولاد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به. وقال مالك: لم يكن في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه، كان يلبس الثوب بدرهمين. وقال: كان ابن عُمر يخرُج إلى السوق فيشتري، وكان سالم دَهْرَه يشتري في الأسواق، وكان من أفضل أهل زمانه. وقال أبو الزِّناد: كان أهل المدينة يكرهون اتِّخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم القُراء السادة: علي بن الحُسَيْن، والقاسم بن محمَّد، وسالم بن عبد الله، ففاقوا أهل المدينة علمًا وتقىً وعبادةً وورعًا، فرغب الناس حينئذٍ في السَّراري. وقال ابن راهويه: أصح الأسانيد كلها: الزُّهريّ عن سالم، عن أبيه. وكان أبوه يُلام في إفراط حب سالم، ويقول:

يَلُومونَني في سالمٍ وألُومُهُم ... وجِلْدةُ بين العين والأنْفِ سالمُ

وكان يقبله، ويقول: ألا تعجبون من شيخ يقبل شَيخًا. وقال ابن سَعد: كان ثقة كثير الحديث عاليًا من الرجال. وقال ابن مَعين: سالم والقاسم حديثهما قريب من السَّواء، وسعيد بن المُسَيِّب قريب منهما، وإبراهيم أعجب إليّ مرسلًا منهم. وقال العِجليّ: مدني تابعي ثقة.

وكتب عُمر بن عَبْد العزيز إلى سالم بن عبد الله أن اكتب لي بشيء من رسائل عُمر بن الخطاب، فكتب إليه: يا عمر اذكر الملوك الذين تَفَقَّأت أعينهم التي كانت لا تَنْقضي لذتهم بها، وانفقأت بطونهم التي كانوا لا يشبعون بها، وصاروا جِيَفًا في الأرض آكامها, لو كانت بجنب مساكن لنا لتَأذَّيْنا بريحهم.

ودخل سليمان بن عبد الملك الكعبة فوجد فيها سالمًا، فقال له: سلني حوائجَكَ. فقال: والله ما سألتُ في بيت الله غير الله تعالى.

ودخل سالم يومًا على الوليد بن عبد الملك: فقال له: ما أحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>